لقد قوبلت زيارة الرئيس هوغو تشافيز للندن بحماس عظيم. إذ جاء آلاف المؤيدين لرؤية الرئيس خلال زيارته التي دامت يومان واستقبله خلالها محافظ مدينة لندن، كين ليفنستون.
لقد نظمت حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا خمسة مسيرات ترحيبية بالرئيس في مناطق مختلفة يومي الزيارة بمساندة مطلقة من طرف الحلقات البوليفارية وحملة التضامن الفنزويلية. بدأ هذا بمسيرة حاشدة نظمت أمام الفندق حيث يقيم الرئيس وسط لندن. أتى المتظاهرون بالأعلام واللافتات واليافطات، مرتدين أقمصة حمراء وبوجوه ملونة. استمرت الأغاني والشعارات طيلة ثلاث ساعات قبل أن يأتي الرئيس أخيرا ليتردد صدى شعار: "Uh! Ah! Chavez no se va!" بشكل متواصل في مدخل فندق سافوي.
قام روب سويل من قيادة حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا، بالترحيب بالجميع باسم الحملة، ووضح أن زيارة هوغو تشافيز هذه مناسبة تاريخية لتحية الثورة الفنزويلية. وقال: « قبل ليلتين، نظمت ارفعوا أيديكم عن فنزويلا في النمسا لقاء ضم 5000 شخص للترحيب بالرئيس. يجب علينا أن نواصل حملة الترحيب هذه في بريطانيا، وهو ما يجب أن يوظف لبناء الدعم للثورة»
إذ ذاك وصل الرئيس، وكان الجمع قد وصل إلى 200 شخص، العديد منهم كانوا يحملون رايتهم ويافطاتهم. وبمجرد ما خرج الرئيس من سيارته، اندفع الجمع إلى الأمام واستقبلوا الرئيس بعاصفة من الترحيب. كان الأمر أشبه بتدافع لاعبي الركبي. الرئيس، من جهته، ضرب بجميع أنظمة البروتوكول عرض الحائط وامتزج بالجمع مصافحا ومرحبا بالجميع وخاصة ممثلي حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا.
رحب إيسبي إيسبيغار القيادي في حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا، بالرئيس تشافيز نيابة عن الحملة وتقدم بالترحيب الحار نيابة عن جميع الحاضرين. بعد هذه المحادثة القصيرة شكر الرئيس الحملة على العمل الهائل الذي تقوم به لدعم الثورة الفنزويلية وقال: « أشكركم على ما تقومون به وأحثكم على أن تواصلوا لأن هذا هام جدا لنا وللثورة ».
بالنظر إلى تأخر مجيء الرئيس، فقد ألغيت الزيارة التي كانت مبرمجة لـ Miranda House وسار الجمع إلى Camden Centre. مئات الأشخاص اصطفوا حول البناية، يرفعون الشعارات ويلوحون بالأعلام.
لقد كان الذنب ذنب المنظمين الذين لم يستمعوا لطلبات منظمات التضامن التي كانت تضغط من أجل تمديد فترة الزيارة. فعندما سمعنا نحن حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا بالزيارة لأول مرة، اتصلنا مباشرة بالسفارة الفنزويلية بلندن وحاولنا توفير قاعة the Royal Albert للقاء جماهيري مع تشافيز. لكن مع الأسف، وبالرغم من إرسالنا لتمثيليتنا، فإن جهودنا ذهبت سدى. وتم إخبارنا لاحقا بأن تنظيم الزيارة قد وضع حصرا في يد كين ليفنيستون محافظ لندن العظيم. لقد جهزت حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا الملصقات والمنشورات لهذا اللقاء، لكن أخبرونا بأنه من غير المسموح به القيام بأية دعاية. وبالرغم من إصرارنا على ضرورة أن يكون اللقاء مفتوحا، فإن مكتب المحافظ قرر، بشكل أحادي، أن الحضور سيكون بالدعوات فقط.
القدرة الاستيعابية لمركز Camden، هي 800 شخص، لكن أكثر من 5000 شخص سجلوا طلباتهم للحضور عبر عنوان سلطات لندن المبجلة. من الغريب أن محافظ مدينة لندن لم يتمكن من إيجاد مكان أكبر من هذا. وبسبب ذلك تم إقصاء مئات الأشخاص عن الحضور. لم يخصص لحملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا سوى 100 تذكرة، نفذت كلها خلال ساعة واحدة. وقد سجل مئات آخرون طلباتهم على موقع ارفعوا أيديكم عن فنزويلا، لكن وبسبب النقص الفاضح للتذاكر فقد كنا عاجزين على تلبية طلباتهم.
القاعة نفسها غصت بحضور متحمس يرفع اللافتات ويلوح بالأعلام. لقد قيل لحملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا أن الرايات ستكون ممنوعة في اللقاء، لكن الحالة لم تكن كذلك، ومن ثم قمنا بسرعة بإحضار رايتنا الكبيرة ونشرناها على الشرفة المقابلة للمنصة.
كين لفنستون، الذي ترأس الحدث، طلب من اثنين من الخطباء تقديم اللقاء، الأول كان هو كيث سونيت، مساعد الأمين العام لـ Unison، عن مركز المعلومات الفنزويلي، الذي أراد أن يخبر أولئك الذين هددوا فنزويلا أن يعرفوا أنهم واجهوا معارضة كبيرة. والثاني كان هو جيريمي دير، الأمين العام للإتحاد الوطني للصحفيين، ممثلا عن حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا.
أكد جيريمي على أن زيارة الرئيس تشافيز لها تأثير محفز. نوه بمجهودات كين لفنستون كمظيف، لكنه أشار إلى أن قاعة أكبر كانت ستكون أكثر ملائمة بالنظر إلى الآلاف من الناس الذين يريدون سماع تشافيز وقال: «هناك آلاف الأشخاص خارج هذه القاعة يتحرقون لسماع تشافيز». وطلب من الرئيس أن يعود لزيارة لندن مستقبلا حيث سينظم له استقبال أكبر من هذا بكثير.
عندما تم تقديم الرئيس تشافيز، لوقي بترحيب حماسي من طرف الجموع. شكر تشافيز الشعب البريطاني على حسن ضيافته وألقى خطابا دام ثلاثة ساعات، أشار فيه إلى خلفية الثورة البوليفارية والنجاحات التي حققتها. في مستهل خطابه، أشار تشافيز إلى اللقاء الذي نظم في فيينا والذي ضم 5000 شابا. وشكر علانية آلان وودز وحملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا على تنظيمهم لذلك اللقاء الرائع.
وانكب هوغو تشافيز على تحليل الثورة البوليفارية وإسهامات سيمون بوليفار وفرانسيسكو ميرندا، الذي زار لندن وأقام فيها. وشرح كيف أن الثورة الصناعية العظمى في بريطانيا والثورة الفرنسية العظمى أثرت في كبار مفكري ذلك العصر. لقد استوحى نضال بوليفار الدروس من تلك الأحداث التي عرفتها أوروبا. كما نوه تشافيز بالاشتراكية العلمية لماركس وإنجلز، التي يجب ألا تعامل بدوغمائية. وتحول نحو مهاجمة الرأسمالية والإمبريالية بسبب الدمار الذي تسببه لكوكب الأرض. وأشار إلى روزا ليكسمبورغ وإسهامها العظيم وردد جملتها: « الاشتراكية أو الهمجية ».
أكد تشافيز على إيمانه بالاشتراكية وأعلن: « إنني اشتراكي. نحن جميعا اشتراكيون ». وقال أن الاشتراكية هي الطريق الوحيد لإنقاذ العالم، وإنقاذ المستقبل المهدد بالرأسمالية. وواصل إلى أن قال بأن الفكرة التي تتحدث عن نهاية التاريخ خاطئة تماما. وفي إشارته إلى قوة الأفكار العظيمة، أكد تشافيز إلى أن كارل ماركس، وإنجلز ولينين وشي غيفارا لم يموتوا. إنهم أحياء اليوم من خلال أفكارهم.
وقدم هوغو تشافيز عرضا غير متوقع لإمداد الأحياء الفقيرة بلندن بالنفط بأثمان مخفضة من اثنين من مصافي النفط التابعين لشركة PDVSA ببريطانيا، وهو ما قبله المحافظ. وهذا مشابه للعرض الذي سبق تقديمه في الولايات المتحدة. ومع وصول اللقاء إلى نهايته، تقدم تشافيز إلى واجهة المنصة لمصافحة المساندين. بالرغم من جميع المشاكل كان اللقاء حماسيا جدا.
تشافيز في مقر المؤتمر النقابي
في اليوم الموالي دعت حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا إلى تظاهرة استقبال أمام مقر المؤتمر النقابي وسط لندن. وقد وزعت مجلات حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا ومنشوراتها عندما كان الأعضاء يدخلون البناية. وعندما كاد اللقاء أن يفتتح أشغاله، قام ممثلون عن تشافيز بتقديم دعوة لمساندي حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا لحضور اللقاء، إلى جانب أعضاء حملة التضامن الفنزويلية. وعندما كنا داخلين حاول الحراس التابعون للنقابة منعنا إلا أن رجال الأمن الفنزويليين منعوهم من ذلك. اجتمع حوالي 100 شخص في النقابة، أعضاء من المجلس العام وغيرهم من الأمناء العامون للنقابات الأخرى. وقد تواجدت حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا ككتلة في هذا اللقاء.
قدمت القيادية في نقابة TUC (المؤتمر النقابي) غلوريا ميلز، اللقاء بقولها أن « المجلس العام لنقابة TUC قد نظم لقاءاته في هذه البناية طيلة 50 سنة. وعلي أن أقول أن هذا اللقاء هو الأكثر أهمية خلال هذه السنة». هنا تدخل هوغو تشافيز مصححا « الأكثر أهمية خلال الخمسين سنة! » وهو التعليق الذي قوبل بالضحك. المتحدث الآخر كان هو بريندان باربر الأمين العام للنقابة، الذي رحب بالرئيس تشافيز وشكره على قدومه للحديث إلى مناضلي النقابة وقد دعا إلى "نوع جديد من العولمة، تضمن العدالة الاجتماعية وحقوق العمال" وبعدها طلب من تشافيز أن يأخذ الكلمة.
إلا أن تشافيز لم يتحدث عن العولمة، بل عمل على إعطاء المجلس العام درسا في التاريخ، بدءا بالثورة الفرنسية. وأشار إلى أن الثوري الفنزويلي العظيم ميراندا كان قد أقام في لندن كمنفي سياسي، حيث تأثر بالثورة الصناعية البريطانية والأفكار الجديدة المرتبطة بها. وقال أنه حتى خلال تلك الفترة، ظهر جليا أن الأفكار التي طرحها كانت تذهب إلى أبعد من حدود النظام الرأسمالي. وهو ما شكل نقطة الانطلاق لبوليفار.
أكد تشافيز أن تلك الأفكار كانت في جوهرها أفكارا قبل اشتراكية. ربما لم يسمع أعضاء المجلس العام أبدا باسم ميراندا، لكنهم سمعوا بالتأكيد باسم المنفي السياسي الآخر الذي ذكره تشافيز: « لقد عاش ماركس هنا ودفن هنا. لقد كان واحدا من أعظم منظري الاشتراكية العلمية. لم يكن بوليفار ملما سوى بالاشتراكية الطوباوية. إلا أن بعض الناس يريدون دفن الاشتراكية. لكن هذا غير ممكن.- وأضاف- يتحدث ممثلو الرأسمالية واللبراليون الجدد عن فشل النظام الاشتراكي. لكن الذي فشل هو أفكارهم ».
عندها انتقل تشافيز إلى الحديث عن المرحلة الما- قبل كولومبية للمجتمع الأمريكي اللاتيني وكيف أنه، قبل الغزو، كان هذا المجتمع يعيش في ظل نظام اشتراكي حيث لا توجد أي ملكية خاصة. وعاد مجددا إلى موضوع الاشتراكية وخاصة الاشتراكية العلمية (أي الماركسية). وبينما أشار إلى انهيار الإتحاد السوفيتي قال أنه من المهم أن نستخلص جميعا دروس الماضي. إننا بحاجة إلى جهود جديدة وبدائل جديدة لتشييد الاشتراكية.
قال: « للطبقة العاملة العالمية، بما فيها الطبقة العاملة البريطانية، دور حاسم تلعبه في هذا السياق». وأضاف: « إننا نريد بناء اشتراكية القرن الواحد والعشرين ». هناك تهديد للعالم بحدوث كارثة بيئية ونشهد الحرب على العراق والتهديدات ضد إيران. «لا يمكننا ضمان مناصب شغل ولا سكن ولا الحياة في ظل الرأسمالية. إن هذا مستحيل كليا في ظل الرأسمالية. فقط انظروا إلى مشاكل بطالة الشباب في أوروبا، أزمات أنظمة التقاعد وغيرها. إننا معادون للإمبريالية، لكننا لسنا معادين للمواطنين العاديين في الولايات المتحدة. إنهم أصدقائنا ».
في رده على أحد الأسئلة، أكد تشافيز أن حكومته « حكومة عمالية، مخلصة للعمال» وختم حطابه بالقول: « هناك انعطاف حاسم نحو اليسار في أمريكا اللاتينية. وسيحدث هذا في أوروبا وفي العالم أجمع كما آمل، هذا هو الأمل الوحيد للعالم اليوم » وكتعبير عن الصداقة، قدم المجلس العام لتشافيز بترجمة إسبانية للكتاب الاشتراكي الكلاسيكي الإنجليزي "The Ragged Trousered Philanthropist"، لروبرت تريسل. لقد كان هذا الخطاب بالتأكيد أكثر الخطابات التي ألقت في المجلس العام جذرية خلال الخمسين سنة. يتوجب طبعه وتوزيعه على جميع النقابات، كجزء من الدعم للثورة الفنزويلية. بعد الاجتماع في مقر النقابة ذهب أعضاء حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا، إلى مقر البلدية، حيث كان تشافيز ينظم مؤتمرا صحفيا وإلى البرلمان لحضور الجمع الترحيبي.عندما وصلنا إلى المؤتمر الصحفي، قوبلنا بالترحيب من طرف جزء من البعثة الفنزويلية، التي كانت قد وصلت بدورها من مقر نقابة TUC، من بينهم نيكولاس مادورو، رئيس الجمعية الوطنية.
حضر المؤتمر الصحفي حوالي 200 شخص، بما فيهم الضيوف. أول سؤال وجه إلى تشافيز جاء من مراسل قناة CNN، الذي سأل لماذا "أهان" تشافيز توني بلير. فرد تشافيز بحسم أن هذا السؤال غبي وأنه كان على المراسل أن يكون أكثر إطلاعا على الأحداث. فالزيارة كانت خاصة وأنه يرفض الطريقة التي تحاول بواسطتها وسائل الإعلام خلط الأمور. بعدما ناقش هذه القضية بإيجاز، تلقى أسئلة استفزازية أخرى من بينها واحد يقول أن فنزويلا تتصرف على الطريقة الإمبريالية، حيث تستعمل النفط كسلاح سياسي للحصول على ما تريد فرد الرئيس: « ليس لدينا أي مخطط لاحتكار النفط والغاز. نحن فقط نعمل على خلق خطط اندماجية، مثل ما يحدث في أوروبا. ».
وعندما تم تشبيه تشافيز، من طرف أحد المراسلين الفنزويليين، بجورج بوش، رد تشافيز باستنكار: « لا تشبهني به مطلقا. هل قمت أنا مرة بمهاجمة أو اجتياح بلد آخر؟ هل قتلت أحدا؟ إن جورج بوش مجرم، إنه سفاح. يتوجب أن يحاكم على هذه الجرائم ويوضع في السجن ». لقد تم تلقي هذا الكلام بعاصفة من التصفيق من طرف المدعوين بل وحتى بعض الصحفيين. إلا أن هذا التعاطف لم يقتسمه معهم الصحفيون "escualidos" (التافهون) الذي حضروا الأسئلة الاستفزازية المألوفة.
« يجب أن نحسم السلطة »
بعدها وخلال فترة ما بعد الظهر، نظم اجتماع لمائة وخمسين شخص لأجل تشافيز في مجلس العموم استضافه كولين بورغون، النائب البرلماني وعضو الأصدقاء العماليين لفنزويلا. كانت حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا ممثلة من طرف آلان وودز، روب سويل وجيريمي دير، كما كان هناك النائب جون ماك دونيل والنائب جيريمي كوربين.
أمام تمثال وينستون تشرشل، الذي يراقب بوجه عابس، ألقى تشافيز الخطاب الأكثر كفاحية من بين جميع الخطابات التي ألقيت على الإطلاق في محيط قصر ويستمنستر. وقد كان مشابها في خطوطه العريضة لذلك الخطاب الذي ألقاه في مقر النقابة، حيث تطرق لتاريخ النضال التحرري في فنزويلا، شرور الرأسمالية والطريق الاشتراكي الذي يجب السير عليه. إلا أنه توجه بخطابه، بشكل أساسي، إلى حزب العمال وتقاليده الاشتراكية والعمالية قائلا:
« نحن نعرف من أين أتى حزب العمال وتراثه، ونحن نتماهى كليا مع ذلك التراث». وواصل قائلا: « إنني لا أريد التدخل في الشؤون السياسية الداخلية لبريطانيا، لكنكم جميعا سمعتم شيئا ما عن " الطريق الثالث" »، في إشارة واضحة إلى أفكار توني بلير، « لقد أقنعتني تجربتي أنه لا يوجد هناك أي طريق ثالث بين الرأسمالية والاشتراكية. إن الطريق الوحيد للتقدم أمام الإنسانية هو الاشتراكية ».
عندها انتقل تشافيز إلى القول: « إنهم يحاولون إخافتنا بقوة الإمبريالية، لكننا لسنا خائفين. هناك قوة أعظم من قوة الإمبريالية، هي الرأي العام العالمي والتي أعني بها قوة شعوب العالم. يجب علينا ألا نحصر نضالنا على الشوارع. يجب علينا حسم السلطة ».
إنها المرة الأولى، منذ عدة أجيال، حيث يلقى شخص ما خطابا في أم البرلمانات يتحدث فيه عن الاشتراكية والثورة العالمية. لقد استقبل خطابه بحرارة كبيرة وترك تأثيرا عميقا في الحاضرين، خاصة عندما وصف تشافيز أحداث انقلاب أبريل 2002. « لقد اعتقدت أني كنت سأموت ذلك اليوم. في الواقع لقد حاولوا قتلي في ثلاث مناسبات لكن الجنود الذين كانوا يحرسونني منعوهم من ذلك. وفي النهاية أنقذنا الشعب ».
بعد ذلك التقى مع جون ماك دونيل من حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا وشد على يده بحرارة قائلا بالإنجليزية: « شكرا لكم جون ماك دونيل على كل ما قمتم به. شكرا لكم. شكرا لكم ».
اللقاء الأخير
بعد هذا، ذهبنا إلى الاجتماع الترحيبي الذي نظم خارج قاعة المحاضرات (Whitehall)، حيث احتشد عدد كبير من الناس للقاء الرئيس. كان هذا هو اللقاء الأخير خلال هذه الزيارة، وكان موجها في الأساس نحو عالم رجال الأعمال والحاجة إلى تشجيع الاستثمار في الاقتصاد الفنزويلي. ولقد التقت مظاهرة الترحيب بتجمع صغير للمعارضة مشكل من 10 أشخاص، من الطبقة الوسطى. لقد كان شكلهم مقزما للغاية وكانوا يثيرون الرثاء.
عندما وصل تشافيز، تقدمت الجموع إلى الأمام وأحاطت بالرئيس. مرة أخرى عمل الرئيس على إبداء شكره للجميع وصافح المساندين وقبلهم. وعندما اتجه نحو مدخل البناية تبعته الجموع. وبعد فترة طلب منا الفريق المصاحب للرئيس أن ندخل ونلتحق بالاجتماع. لقد سمح للعشرات من أعضاء حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا بالدخول، مما أثار استغراب الحاضرين في القاعة، لقد التقى هناك شباب يرتدون سراويل وقمصان الجينز مع أمثال نورمان لمونت وغيره من البرجوازيين الذين كان فضولهم كبيرا لسماع ما سوف يقوله ذلك الرجل.
اتخذ الكثير منا أماكنهم في المقدمة، إلى جانب التمثيلية الفنزويلية وقد استقبلنا تشافيز مرة أخرى بالمصافحة والتحايا، خاصة آلان وودز. غصت القاعة بحوالي 600 شخص. صعد تشافيز إلى المنصة وتمكن بمهارة من التواصل مع مستمعيه من خلال الكثير من الإحصائيات الدقيقة، لتفنيد الأكاذيب والافتراءات ضد الثورة البوليفارية واحدة بعد الأخرى. وكما العادة تكلم دون الاعتماد على ملاحظات معدة مسبقا، بل اكتفى، بين الحين والآخر، بقراءة بعض الإحصائيات من ملفات كبيرة الحجم. بدأ خطابه بالإشارة إلى النجاحات التي حققتها الثورة البوليفارية. وبين أن منظمة اليونيسيف قد أعلنت، للمرة الأولى، أن فنزويلا قد تخلصت نهائيا من الأمية. في الماضي كان 60% من الأطفال فقط يلتحقون بالمدرسة، أما الآن فقد تجاوز الرقم إلى 75%. ميزانية التعليم ارتفعت إلى 8% من الناتج الداخلي الخام وكذلك الصحة. وقال :
« إننا نطور قطاع الصحة والتشغيل والتعليم. تتوفر عندنا مراكز تشخيص الأمراض ويمكن للشعب أن يرتادها مجانا، وذلك بفضل كوبا. عندنا 20.000 طبيب ومعاون كوبي في فنزويلا، يوفرون الخدمات الصحية ». « وخلال السنوات الثلاثة الماضية سجلت 117 مليون زيارة لمستشفيات الجراحة و16,8 مليون زيارة لأطباء الأسنان. أجرينا 200000 عملية جراحة ضد مرض الماء الأزرق (cataracts)، وهي عملية مدتها 15 دقيقة تمكن المرء من الرؤية بشكل سليم. لقد التقيت أناسا بكوا أمامي لأنهم اعتقدوا بأنهم لن يروا ضوء الفجر أو القمر مجددا أبدا ». قال تشافيز: « إن الصحة حق للفقير كما هي للغني. لماذا لا تكون كذلك؟ يجب ألا تخوصصوا قطاع الصحة. إن الصحة حق للجميع! »
قال أن احتياطات البلاد من العملة الصعبة ارتفعت من 10 مليارات دولار، قبل ثلاثة سنوات، إلى 30,4 مليار دولار اليوم. معدل البطالة انخفض إلى النصف وقريبا سوف يصير رقما هزيلا. معدل التضخم انخفض من 100% إلى حوالي 10%. الناتج الداخلي الخام ارتفع خلال تسعة أرباع متواصلة، مسجلا نموا هائلا، ليس فقط في قطاع النفط. هناك مشاريع كبيرة للبنية التحتية، يتم التخطيط لها، تتطلب استثمارات دولية.
لسنا نعلم هل سيؤدي هذا الخطاب إلى الرفع من استثمارات الرأسماليين البريطانيين في فنزويلا. إن هذا رهين بأي من هذين الأمرين هو الأقوى: طمعهم في الأرباح أم خوفهم من الثورة. قال أحد الحاضرين الذي كان يرتدي بذلة أنيقة، وهو في طريقه إلى خارج القاعة، أن نقوده ستكون آمنة في مكان آخر. لكن على كل حال، لا يمكن للرئيس أن تكون له أية أوهام حول أن الأصدقاء الحقيقيين للثورة البوليفارية ليسوا هم الجمهور الأنيق الذي حظر في القاعة، بل هم العمال والنقابيون والشباب البريطانيون.
بعد اللقاء، خرج تشافيز ببطء من البناية شاقا طريقه عبر جموع المؤيدين. وهكذا انتهت زيارة ناجحة جدا، ساعدت بدون شك في تصليب حركة التضامن مع الثورة الفنزويلية وخاصة حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا، وتقوية قوى اليسار داخل الحركة العمالية البريطانية والنقابات. لقد أعادت مجددا طرح قضية الاشتراكية والثورة على جدول أعمال الحركة العمالية البريطانية بطرق لم يكن من الممكن توقعها قبل سنوات. إن التاريخ لم ينتهي، لقد بدأ للتو.
عنوان النص بالإنجليزية: