Arabic translation of Hamas wins Palestinian elections: the early stages of the class struggle and the hypocrisy of imperialist democrats (February 1, 2006)
قبل يومين، نشرت الصحيفة الناطقة بالإنجليزية، هاآرتس، مقالا لإلوف بن، أشار فيه إلى أن خبراء إسرائيليين لاموا الولايات المتحدة بسبب سماحها تنظيم انتخابات ديموقراطية في البلدان العربية مما أدى إلى وصول العديد من الأحزاب الأصولية إلى السلطة. من الجلي أن الإمبرياليين الإسرائيليين وبالرغم من ادعائهم كونهم أعظم الديموقراطيين، مستاءون من أي تطور قد يحدث ويؤدي إلى ظهور إمبرياليات تحل محلهم من بين البلدان العربية. وفي سياقنا الحالي، صعود أنظمة طفيلية موالية للإمبريالية إلى السلطة عبر الانتخابات. إلا أن الولايات المتحدة ليست مهتمة بمن سيكون عميلهم في الشرق الأوسط ما دامت مصالحهم محمية. لكن العملاء الأصوليين ليسوا هم من تفضلهم الحكومة الأمريكية.
آخر انتصارات الأصوليين تحقق يوم الأربعاء الماضي عندما فازت حماس في الانتخابات التي نظمتها ( وراقبتها ) الولايات المتحدة وإسرائيل. لقد سبق لنا نحن الماركسيون قبل وقت طويل أن قلنا أنه بالنظر إلى انقشاع الأوهام لدى الجماهير حول فتح والخدمات الاجتماعية التي تقدمها حماس وديماغوجيتها المعادية للإمبريالية فإنه من الواضح جدا أن حماس هي من ستفوز بالانتخابات. لقد قلنا هذا قبل أكثر من عام، عن الانتخابات الأخيرة التي أبقت فتح في السلطة ( بفضل تلك الانتخابات وبفضل الألاعيب الإسرائيلية ). إن واقع كوننا الوحيدين الذين تنبئنا بهذا مسبقا يؤكد أن الماركسية هي الفلسفة الوحيدة القادرة على الاستشراف، القادرة على تقديم تحليل واضح للواقع والمساعدة على فهمم ومن ثم تغييره.
إن الأحزاب الأصولية هي أحزاب برجوازية رجعية هدفها الحفاظ على استغلال العمال من طرف الرأسماليين والنظام الإيراني أفضل دليل على كيفية صعود الإسلاميين الرجعيين على أكتاف الجماهير عبر تقديم الوعود بتحقيق أعظم الإصلاحات، فقط لكي يسحقوا الطبقة العاملة وفقراء البرجوازية الصغرى بمجرد استيلائهم على الدولة. إلا أنه سيكون من الخطأ اعتبار الدعم المقدم لحماس من طرف الجماهير الفلسطينية بكونه حركة نحو اليمين، فأغلب من صوتوا لحماس لم يصوتوا لبرنامجها القومي أو السياسي الرجعي، بل صوتوا احتجاجا ضد فتح وأملا في أن تكون حماس أقل فسادا من فتح وأكثر انتباها لحاجيات الشعب.
لكنه يجب التأكيد على أن أغلبية المصوتين لا يريدون قتل اليهود. ويشير استطلاع للرأي أجري اليوم إلى أن 75 % من الذين صوتوا لحمس يعارضون تدمير إسرائيل وأن 84 % من جميع الفلسطينيين يعارضون هذه الفكرة المعادية للسامية التي لا معنى لها. هذا يبين أن التصويت على حماس، بالرغم من كونها منظمة رجعية، لديه دوافع تقدمية.
إن هذا يناقض الدعاية التي تقوم بها دولة إسرائيل والتي تصور جميع الفلسطينيين أناس معادين للسامية. هذا التصور الهستيري الذي تروج له الدولة يجد أبشع تعبير عنه في كلمات رئيس حزب الليكود اليميني، بنيامين نتنياهو، الذي قال: « إن صعود حماس نشابه لصعود النازيين» وقد علق أحد الصحفيين قائلا: « إن حزب الليكود هو أكثر شبها بالحزب النازي من حماس: فهو حزب يميني متطرف، شوفيني، عنصري. ولكي نفضح سرا صغيرا من أسرار السياسية الإسرائيلية فإنه لحزب الليكود جذور في منظمة فاشية ويظم في صفوفه العديد من الفاشيين إلى اليوم.
لماذا حماس ؟
لكن لكي نكون منصفين يجب أن نقول أن لحزب الليكود العديد من أوجه التشابه مع حماس أيضا. لقد تشكل الليكود سنة 1973، على إثر اندماج حزب هيروت ( حزب محافظ فاشستي متطرف ) بالحزب اللبرالي في غاهال من خلال احتواء غاهال والعديد من المنظمات اليمينية الأخرى وصهرها في منظمة واحدة. منذ سنة 1984 حيث بدأ العمل بالحكم الذاتي حتى سنة 1977، ظل الحزب الحاكم في إسرائيل هو حزب ماباي الاشتراكي الديموقراطي. لكن سنة 1977 اتضح أن حزب ماباي مجرد حزب موالي للرأسمالية وفاسد. وبما أنه لم يكن في صفوفه أي جناح يساري ليقدم البديل وكان أغلب الإسرائيليين قد سئموا من سيطرة ماباي على السلطة قام العديد منهم بالتوجه نحو الليكود، الذي كان آنذاك حزب شعبونا يقدم الوعود بخدمة الشعب مما جعله شبيها بحماس. بنفس الطريقة حاولت حماس إقناع أغلبية الفلسطينيين للتصويت عليها.إذا ما فكر المرء مليا في المسألة يجد أنه ليس هناك من اختلاف كبير بين حماس والجناح اليميني المتطرف الإسرائيلي: فكلاهما يؤيد فكرة بناء دولة واحدة من البحر إلى الضفة الغربية لنهر الأردن وطرد جميع الأقليات القومية وبناء نظام حكم ثيوقراطي.
إلى حدود سنة 1991، أدى الصراع الذي كان دائرا بين القوتين العظمتين، الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي، إبطاء هيمنة الولايات المتحدة على العالم. إلا أنه ومع سقوط الإتحاد السوفياتي صارت الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة وتحاول الآن إبقاء جميع البلدان تحت سيطرتها لخدمة مصالحها الخاصة.
تفرض الولايات المتحدة على البلدان الفقيرة أن تنفتح أمام التجارة الخارجية وتخصخص اقتصادها لتمكن الشركات المتعددة الجنسيات من السيطرة على الاقتصاد، في الوقت الذي تجعل فيه ملايير البشر أفقر فأفقر. ليس هذا فقط، بل كلما كانت هناك معارضة لهذه الهيمنة تتصرف الولايات المتحدة مثل قطاع الطرق حيث تقتحم ذلك البلد بالقوة. حدث هذا في العراق وهاهي الآن تهدد بالقيام بنفس الشيء مع سوريا. إن الأحزاب البرجوازية والبرجوازية الصغرى التي تعاونت مع الإمبريالية الأمريكية قد انفضح تآمرها مع الإمبريالية ضد شعوبها. لو توفرت في هذه البلدان أحزاب ماركسية جماهيرية، لأدى ذلك إلى حدوث تطور ونمو هناك بل ربما حدوث ثورة اشتراكية. إلا أن الأحزاب الشيوعية – التي هي في الواقع أحزاب ستالينية منحطة – صارت هي أيضا أحزابا موالية للإمبريالية. ففي العراق على سبيل المثال، صار الحزب الشيوعي جزءا من الحكومة العميلة للمحتل عوض قيادة الجماهير. والنتيجة هي أن الأحزاب الأصولية ظهرت كأحزاب "نظيفة" ومتخلصة من الفساد وهكذا صارت قوية أكثر. هذا بالضبط ما حدث أثناء الانتخابات التي جرت في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
هل بامكان حماس أن تحسن حياة الجماهير الفلسطينية ؟
يجب إذن أن نطرح السؤال التالي: هل بامكان هذا الحزب أن يحسن من شروط عيش الفلسطينية ؟ هل بامكانه أن يقضي على الاحتلال والإمبريالية ؟
كلا على الإطلاق. فكما سبق لنا أن كتبنا، ليست حماس حزبا ثوريا، بل هي حزب برجوازي رجعي بخطاب جذري. إنها في الواقع عاجزة عن تقديم شيء للفلسطينيين أكثر مما قدمته فتح أو البرجوازية الإمبريالية الإسرائيلية أو الأمريكية.
من الجلي أنه لا كاديما ولا الليكود ولا حماس يمكنهم حل القضية القومية. كل هذه الأحزاب تعبر عن مصالح البرجوازية المتعفنة والإمبريالية وتدفع بالإسرائيليين والفلسطينيين للصراع ضد بعضهم البعض مستغلة في ذلك النزعة القومية لتأبيد بقائها في السلطة. لا يمكن للقضية القومية أن تجد لها حلا على قاعدة الرأسمالية، حيث كل برجوازية قومية تسعى إلى السيطرة على أوسع رقعة ممكنة. ليس من المصادفة كون الجناح اليميني في إسرائيل قد انقسم على نفسه وتشتت. لقد سئمت الجماهير من فساده وليس حزب كاديما شيئا آخرا سوى الليكود باسم جديد وخطاب جديد. حماس أيضا ليست سوى مرآة فلسطينية لأحزاب الطبقة السائدة ولن يمر وقت طويل قبل أن يفهم العمال والفقراء الفلسطينيون هذا الأمر أيضا.
ليست قوة حماس سوى قوة ظاهرة مؤقتة، لأن حماس عاجزة عن حل أي من المشاكل الجوهرية التي تواجهها الجماهير. إن انتصارها سوف يجعل منها حزب ليس أقل فسادا من فتح. سوف يزيد هذا من الاضطراب في المنطقة وسيمكن من ظهور يسار قوي ببرنامج اشتراكي. وفي إسرائيل سوف يظهر هذا اليسار من بين صفوف العمال من داخل حزب العمل ومحيطه.
نفاق الديموقراطيين الإمبرياليين ودور اليسار الإسرائيلي
كما سبق لنا أن كتبنا، تحاول الدولة أن تنشر الهستيريا في إسرائيل لتدفع الشعب نحو اليمين وضد الفلسطينيين. لقد تباهت الطبقة الوسطي الإسرائيلية دائما بكونها "الديموقراطية" الوحيدة في الشرق الأوسط. ديموقراطية الرأسماليين اليهود وحدهم – لكنها رغم ذلك ديموقراطية ...... إن ادعائهم هذا المثير للضحك انفضح تماما أمام إصرارهم على ألا يقوم العالم بالاعتراف بحكومة حماس. وقد قال ايهود أولمرت، الذي عوض آرييل شارون في منصب رئيس وزراء إسرائيل إلى حين إجراء الانتخابات أنه « إذا ما تم تشكيل حكومة من حماس أو حكومة تشارك فيها حماس فإن السلطة الفلسطينية ستصبح داعمة للإرهاب، وسيتوجب على العالم وعلى إسرائيل أن يتجاهلوها ويمنع بقائها «
ليس هذا سوى محض نفاق. لقد فازت حماس بنزاهة واستحقاق في انتخابات نظمتها الولايات المتحدة في إسرائيل. لكن من وجهة نظر الديموقراطيين الإمبرياليين، كون شيء ما ديموقراطي أو غير ديموقراطي رهين بمدى خدمته لمصالحهم.
إن هذا النظام الرأسمالي، الذي لا يخدم سوى مصلحة أقلية ضئيلة من الرأسماليين يجب أن يقضى عليه سواء في شكله "الأصولي" أو شكله "الديموقراطي". وهذه المهمة لن تحققها سوى الطبقة العاملة، التي وبعد حسمها للسلطة ستبني مجتمعا اشتراكيا ستسير فيه الطبقة العاملة الاقتصاد والمجتمع بطريقة ليست مثل الديموقراطية الشكلية البرلمانية العديمة المعنى بل الديموقراطية العمالية الحقة.
لدى حزب العمل مسؤولية عظمى، مسؤولية حياة الجماهير الإسرائيلية التي خدعتها الحكومات السابقة وحولتها إلى شعب فقير بينما يملأ الأغنياء جيوبهم بالثروات التي راكموها من الحروب وسياسات اليمين الاقتصادية. للقيام بهذه المسؤولية يتوجب على حزب العمل أن يقطع كليا مع البرجوازية وسياستها وأحزابها ويناضل من أجل حل يخدم الجماهير العاملة. يتوجب عليه أن يطرح برنامجا اشتراكيا أمميا ولا يستسلم لضغوط الرأسماليين.
الجماهير تنهض من جديد
إلى حدود الفترة السابقة كانت الطبقة السائدة تعيش ظروفا جيدة. فالأنظمة العربية الرجعية المخلصة للإمبريالية تكفلت بقمع شعوبها وهكذا دعمت بشكل غير مباشر سلطة البرجوازية الإسرائيلية. لكن من الآن فصاعدا، بدأت الأمور تسير بشكل سيء بالنسبة للطبقة السائدة الإسرائيلية، ليس فقط بسبب الضغط الداخلي الذي يمارسه العمال الإسرائيليون، بل أيضا بسبب التحولات الجارية في البلدان المجاورة في الشرق الأوسط حيث بدأت الجماهير تتحرك مرة أخرى.
عندما قلنا نحن الماركسيون قبل عام مضى أن هذا سوف يحدث، قيل أننا واهمون، وعندما قلنا أن حماس سوف تفوز بالانتخابات قيل لنا أننا نحلم. والآن حصل هذا ولا أحد يمكنه أن ينكره.
نعم صحيح أن قيادة الجماهير في الوقت الحالي، قيادة أصولية، لكن هذه القيادة ليست في مقدورها أن تغير أي شيء وسف يتضح بسرعة أنها مجرد أداة هي أيضا في يد الطبقة السائدة. وهذا سوف يعطي لقيادة الطبقة العاملة فرصة لكسب الجماهير في كل مكان، وفي إسرائيل أيضا. إن هؤلاء الذين كانوا يعتقدون أن تحذيراتنا كانت بدون أساس من الصحة وأن منظوراتنا كانت خاطئة، هم من يعيشون الآن في الوهم.
 31 يناير 2006
عنوان النص بالإنجليزية: