آلان وودز يتحدث عن المنظورات العالمية لسنة 2008 – الجزء الثاني

Arabic translation of Alan Woods on world perspectives 2008 – Part Two (January 13, 2008)

من السهل القيام بنقاش عقيم حول الاقتصاد، لكن المسألة الأهم بالنسبة إلينا هي التعرف على تأثير ذلك الوضع على الصراع الطبقي. نعم كانت هناك زيادة في التجارة العالمية والنمو، لكن كان هناك، في نفس الوقت، احتداد كبير للضغط على الطبقة العاملة. لقد أدى هذا إلى حدوث انفجارات للحرب الطبقية، حتى خلال أفضل المراحل من وجهة النظر الرأسمالية.

يمكن للصوريين أن يتساءلوا لماذا في أماكن من قبيل أمريكا اللاتينية، حيث عرف الاقتصاد نموا كبيرا، لم يتحسن مستوى عيش الجماهير: الجواب هو أن اقتصاديات أمريكا اللاتينية عرفت النمو بالضبط لأن مستويات عيش الجماهير ظلت راكدة!

تقدم اليابان الدليل على مستوى الاستغلال والضغط القاسي على العمال. هناك مصطلح جديد في اليابان، إنه: "كاروشي"، أي الموت بسبب الإرهاق. لقد قرأت مؤخرا تقريرا عن رجل في اليابان انهار ومات بعد استمراره في العمل طيلة 80 ساعة بالتسلسل. تتعرض الشركات للمحاكمة بسبب هذا. لكن لم يتم كسب سوى 4% من القضايا المتعلقة بالكاروشي سنة 1998. سنة 2005 لم يتم القبول سوى بـ 40% من القضايا!

يراكم الكثير من الناس في البلدان الغربية عشرات الساعات الإضافية (الغير مدفوعة الثمن في الغالب). متوسط ساعات العمل الإضافية السنوي في اليابان هي 1780 ساعة إضافية لكل شخص. وتصل في الولايات المتحدة إلى 1800، و1400 ساعة في ألمانيا. هناك ميل جد قوي نحو تهشيش ظروف العمل وفرض العمل بدوام جزئي.

الاقتصاد الآن يتوقف عن الحركة. مبيعات أعياد الميلاد في بريطانيا كانت كئيبة. في ألمانيا، من المتوقع أن يهبط النمو من 2,6 % إلى 2 %، لكن البعض يتوقعون أرقاما أقل من قبيل 1,1 % سنة 2008. في فرنسا، يعتقد ساركوزي أنه يستطيع الهجوم على العمال لكنهم سرعان ما ردوا عليه وقد انهارت شعبيته بـ 17 %. في إيطاليا، كانت هناك مظاهرة رائعة لنصف مليون عامل في روما، في الدنمرك، ذلك البلد الصغير، كانت هناك مظاهرة لـ 100.000 شخص ضد الاقتطاعات، وهو الرقم الذي يعتبر ضخما بالنسبة إلى عدد السكان. كان هناك إضراب عام في اليونان خلال الشهر الماضي وإضرابات أكبر في سويسرا.

ما هو السبب الكامن وراء هذا؟ حتى خلال فترة الازدهار، لا يستطيع الرأسماليون أن يقبلوا بالإبقاء على التنازلات المقدمة في الماضي، فبالأحرى تقديم إصلاحات جديدة. في جميع البلدان، صارت المعاشات تتعرض للهجوم، في المكسيك على سبيل المثال، حيث شهدنا وضعا ثوريا قبل 18 شهرا فقط.

نحن الوحيدون الذين تمكنا من فهم الوضع في المكسيك. هل حزب الثورة الديمقراطية حزب بورجوازي؟ ربما، لكن الثلاثة ملايين عامل وفلاح الذين تظاهروا تأييدا للوبيز أوبرادور وضد التزوير الانتخابي لم يكونوا بورجوازيين! ستكون المكسيك هي البلد الأكثر تأثرا بأزمة الاقتصاد الأمريكي. تعتمد مناطق بأسرها في المكسيك على الأموال التي يبعثها العمال المهاجرون الذين يتعرضون للهجوم بدورهم ويتم ترحيلهم.

من الصعب بناء مجموعة ماركسية في معمعة الثورة. لكن في باكستان والمكسيك لدينا منظمات للكوادر قبل البداية الحقيقية للأحداث الكبرى.

سيكون للأحداث المستقبلية أثر كبير على المنظمات الجماهيرية. لكن هناك مشكلة كبرى. إنها ليست مشكلة الطبقة العاملة، بل مشكلة القيادة. المنظمات الجماهيرية التي تم خلقها من أجل تغيير المجتمع تحولت الآن إلى عراقيل بشعة. إنها تطرح سياسات موالية للبورجوازية. كانت قيادتها في الماضي، تدافع، بالكلمات على الأقل، عن الاشتراكية والشيوعية، على الأقل في خطب فاتح ماي. أما الآن فقد صاروا منحطين جدا إلى درجة أنه في إيطاليا اندمج حزب ديمقراطية اليسار (Democratici di Sinistra, DS- الحزب الشيوعي سابقا) بأحزاب بورجوازية أخرى من أجل تشكيل حزب بورجوازي.

تعتبر إيطاليا رجل أوروبا المريض. لقد قامت البورجوازية الإيطالية بدفع فيلتروني إلى تشكيل حزب جديد، الحزب الديمقراطي، والسبب الذي أجبرها على ذلك هو كونها لا تمتلك أي حزب تعتمد عليه. ما هي حظوظ نجاحها؟ ستشن البورجوازية حملة إعلامية مكثفة لصالح الحزب الجديد. الشيء الذي سيكون له تأثير. سيتمتع فيلتروني بشعبية كبيرة في البداية وستنخفض بشدة نسبة الأصوات التي سيحصل عليها حزب إعادة التأسيس الشيوعي، لكن ما يدفع البورجوازية إلى وضع فيلتروني في السلطة هو جعله يطبق سياسة اقتطاعات عميقة. الشيء الذي سيتسبب في انفجار الصراع والغليان داخل صفوف النقابات وكذا داخل صفوف حزب إعادة التأسيس الشيوعي لاحقا. ستنفتح أمامنا - نحن الماركسيون الإيطاليون- فرص هامة، ما دمنا متمسكين بموقف حازم ولم نتذبذب.

لا توجد المنظمات الجماهيرية في الفراغ؛ إنها تتأثر بالعالم المحيط بها. يرفض العصبويون هذه الأحزاب الجماهيرية ويحاولون تشكيل أحزاب جديدة. لكنهم لا ينجحون مطلقا. ومع ميل جميع هذه الأحزاب نحو اليمين اعتقد العصبويون أنها هي اللحظة الملائمة لهم لطرح بديل، هذا ما يحدث مع حزب العمال البريطاني على سبيل المثال. لكنهم لم يكونوا محظوظين على الإطلاق. فكل محاولاتهم انتهت إلى فشل ذريع.

سوف تتحرك الجماهير حتما عبر منظماتها الجماهيرية. أين توجد الجماهير في بريطانيا في الوقت الحاضر؟ إنها غير نشطة في أي مكان، لا في حزب العمال ولا في أي مكان آخر أيضا. إنهم في منازلهم يشاهدون التلفاز ويكافحون من أجل تدبير الأمور المعيشية. لكن هذا الوضع لن يستمر إلى الأبد: سوف تنهض الجماهير إلى النشاط وعندما ستتحرك، سوف تتحرك عبر المنظمات الجماهيرية التقليدية: وهي في بريطانيا النقابات وحزب العمال. وعندما سيبدأ الغليان ويستعيد حزب العمال نشاطه، سنبدأ في الحصول على صدى لنا. في إيطاليا سنتمكن من الحصول على مكاسب عظيمة داخل حزب إعادة التأسيس الشيوعي.

عرفت إسبانيا تقاطبا طبقيا رائعا. الاقتصاد حقق معدلات جيدة جدا، الشيء الذي جعل السيرورة تتباطأ شيئا ما، لكن اليمين والكنيسة صارا يستعملان الآن اللغة التي استعملاها خلال الثلاثينيات. لدينا نحن منظمة إسبانية قوية تمتلك جذورا داخل الطبقة العاملة، وقاعدة بين الشباب، الشيء الذي يعتبر حاسما في كل مكان.

تبقى الولايات المتحدة هي البلد الحاسم. كان جورج وولكر بوش يتمتع بإعجاب البورجوازية الأمريكية في البداية، لأنه صورة طبق الأصل لها: فهو جاهل، إقليمي، ضيق الأفق، متغطرس... لكنه انخرط في مغامرات خطرة. والآن تريد البورجوازية ممثلا أفضل لها.

عموما ليس للسياسة الأمريكية أية علاقة بالواقع، لكن للسباق الرئاسي أهمية معينة لما يكشفه عن الميول الخفية التي تعتمل داخل المجتمع الأمريكي. إن ظاهرة أوباما يمكن تفسيرها بوجود شعور عام بالحاجة إلى التغيير، لكن حتى وإن تم انتخابه فإنه سيكون أسوء من الآخرين. عندما كان يُطرح على الناس العاديين سؤال لماذا يدعمون أوباما كانوا يقولون: لأننا نبحث عن التغيير.

أتوقع فوز الحزب الديموقراطي، ربما بقيادة هيلاري كلينتون. لكن الرئيس المقبل سيأتي إلى السلطة في مرحلة أزمة. يعتقد ثلاثة أرباع المواطنين الأمريكيين أن الولايات المتحدة تسير في المنحى الخطأ. الكونغرس الذي يقوده الديمقراطيون فاقد للشعبية بشكل كبير، إن الديمقراطيين لم يفعلوا أي شيء.

كل هذا سيؤدي إلى عواقب وخيمة. الحلم الأمريكي انتهى. مستوى المعيشة ينهار. والجيل الحالي هو أول جيل لا يمكنه أن يتوقع الحصول على مستويات معيشة أفضل من الجيل الذي سبقه. لكل شيء تأثير (الحرب في العراق، الفضائح، الخ.). في مرحلة معينة ستصبح الحاجة ملحة لحزب عمالي.

يجب علينا أن نضيف مسألة العراق إلى كل هذا. "أنا أكره العراق؛ أتمنى لو أننا لم نذهب أبدا إلى هناك". من تعتقدون أنه قال هذا الكلام؟ لا، ليس بوش، لقد كان ونستن تشرشل، سنة 1926 عندما واجهت الإمبريالية البريطانية مشاكل مماثلة. لم تحل الإمبريالية الأمريكية أيا من المشاكل من خلال غزوها للعراق، وقد زعزعت كل منطقة الشرق الأوسط أيضا. لقد تصرفت مثل فيل في متجر للخزف الصيني.

كم يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تبقى في العراق؟ فكرة بوش عن عملية النهوض "surge" مجنونة والطبقة السائدة تعلم ذلك. لقد حاولت أن تنبهه بأدب من خلال نصيحة مسئولة من مجموعة دراسة العراق، التي كانت الصوت الحقيقي للإدارة الأمريكية. قالوا له: "انظر، لقد خسرنا! يجب علينا أن نسحب أنفسنا بشكل تدريجي من هناك وأن نتوصل إلى اتفاق مع إيران وسوريا."

في ظل الظروف الحالية، لم تكن تلك نصيحة سيئة. لكن كيف تصرف بوش؟ لقد هدد إيران ووصل إلى حد اتهام سوريا بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلدان أخرى! عمل على إرسال المزيد من القوى إلى العراق. ثم يقول أنه سيعمل على حل المشكلة الفلسطينية من خلال إقامة دولة مستقلة. في مقدوره ترديد هذه التفاهات لأنه وصل إلى نهاية ولايته. وبالمناسبة، لقد عملت الولايات المتحدة على تدمير الجيش العراقي، الذي كان يشكل الموازن الوحيد للجيش الإيراني في منطقة الخليج.

ليس لدينا موقف عاطفي اتجاه الحرب. إن الحرب شيء فضيع جدا لكن يمكن أن يكون لها نتائج ثورية. إننا نشهد بداية تحرك الطبقة العاملة في المنطقة: إضرابات ضخمة في مصر، إضرابات في الأردن والمغرب ولبنان وفي إسرائيل نفسها. لكن غياب قيادة ثورية هو الميزة الرئيسية للمأزق الحالي في الشرق الأوسط. في الماضي كان الستالينيون يتمتعون بقاعدة قوية في المنطقة والخيانات التي ارتكبوها هي العامل الرئيسي وراء الوضع الحالي.

تكتسي الأوضاع في إيران أهمية عظيمة جدا. يعاني النظام من التصدع. أحمدي نجاد يحاول تعزيز موقعه من خلال الاستناد على المواجهة مع الولايات المتحدة، وتهديداتها بالهجوم على إيران. لكن، تسرب الآن تقرير لوكالة المخابرات الأمريكية يؤكد على أن إيران لا تمتلك قدرات نووية. من الذي تعتقدون أنه المسئول عن تسريبه إلى الصحفيين؟ إن الطبقة السائدة الأمريكية تحاول تلافي الدخول في مغامرة أخرى مشابهة لمهزلة أسلحة الدمار الشامل التي أخرجتها شرذمة المحافظين الجدد لتبرير غزو العراق. لا يمكن للولايات المتحدة أن تشن ضربة في الوقت الحالي. إسرائيل في مقدورها ذلك، لكنها تواجه بدورها صراعا طبقيا وما زال من الضروري الانتظار لرؤية ما إذا كانوا سيتحركون.

إيران ناضجة لحدوث الثورة. تتوفر هناك جميع الشروط التي أشار إليها لينين من أجل الثورة: الانشقاقات في القمة، الغليان بين صفوف الطبقة الوسطى، توفر طبقة عاملة قوية تمتلك تقاليد ثورية، موجة من الإضرابات الهامة، الخ. العامل الوحيد المفتقد هو العامل الذاتي: أي الحزب الثوري. يكتسي عمل رفاقنا الإيرانيين أهمية عظيمة بالنسبة للتيار الماركسي الأممي. يجب علينا أن نقدم لهم المساعدة.

الوضع في إيران جد مشابه للوضع الذي سبق 1905 في روسيا. يجب الانتباه عندما ستبدأ الجماهير الإيرانية في التحرك. يمكن للثورة المقبلة أن تتخذ أشكالا شتى، لكن هناك شيء واحد يمكننا أن نكون واثقين منه: إنها لن تكون انتفاضة أصولية! لقد أدت 28 سنة من وجود الملالي في السلطة إلى ضرب مصداقيتهم بشكل تام في أعين الجماهير والشباب. أغلبية السكان شباب؛ سيكونون منفتحين على الأفكار الثورية والماركسية. ستغير الثورة الإيرانية الوضع بأسره في الشرق الأوسط، وستبين أن المواجهة الحقيقية للإمبريالية لا تحتاج إلى الأصولية. وسوف يكون لها تأثير في كل المنطقة.

لقد سبق لنا أن تطرقنا لأمريكا اللاتينية بنوع من التفصيل في وثيقتنا حول المنظورات العالمية وسوف ننظم جلسة خاصة عن فنزويلا. تبقى أمريكا اللاتينية في طليعة الثورة – والثورة المضادة- العالمية. ليس هناك فنزويلا وحدها، بل بوليفيا أيضا. يواصل موراليس إضاعة الوقت في اللعبة البرلمانية والقوانين والدساتير، الخ. إنه يعاني من مرض يسمى "البلاهة البرلمانية". يمكن لهذا أن يعبد الطريق لهزيمة الحركة. نحن في بداية تشكيل مجموعة ماركسية في بوليفيا، لكن الوقت ليس إلى جانبنا. نفس الشيء في فنزويلا.

يبين الوضع في فنزويلا دور العامل الذاتي. خلال ثلاثينيات القرن الماضي قال تروتسكي أن البروليتاريا الإسبانية كانت قادرة على أن تقوم ليس بثورة واحدة فقط بل بعشرة ثورات. نفس الشيء يقال عن فنزويلا، إن البطولة التي عبرت عنها الجماهير الفنزويلية ليس لها أي مثيل في التاريخ. لقد استمرت هذه الجماهير في التحرك طيلة عشرة سنوات، وهزمت الثورة المضادة عدة مرات. لكن هناك حدود. لا يمكنك أن تبقي ملايين الناس في حالة استنفار إلى الأبد بدون أن يروا مخرجا.

لقد صوتت الجماهير بأغلبية ساحقة لصالح تشافيز خلال شهر دجنبر 2006، وقد كانت تصوت من أجل التغيير. لكن ما عدا بعض عمليات التأميم، التي أيدناها، لم تحدث هناك بعد أية تغييرات جوهرية. يمكن لتشافيز أن يقود الثورة إلى الهزيمة، بالرغم من نواياه الطيبة. يجب علينا أن لا نبني الأوهام حوله. لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن نكون رومانسيين، إن الثورة قضية جدية.

ليست الحركة البوليفارية حركة متجانسة؛ كانت قيادتها تتشكل في البداية من ديمقراطيين ثوريين بورجوازيين صغار، وهناك تناقضات عميقة في تركيبتها وأفكارها. لكنها حركة جماهيرية ويجب علينا أن نتدخل فيها والتوجه نحوها، لكن بدون إخفاء أفكارنا أو تمييع برنامجنا.

يمكن للشعب أن يقوم بالتغيير. لقد كان تيد غرانت يشير دائما إلى مثال لارغو كاباييرو خلال الثورة الإسبانية سنوات الثلاثينات: لقد كان إصلاحيا يساريا نزيها وكان يحاول التطور نحو الماركسية. أكد تيد غرانت على أنه لو تصرف التروتسكيون الإسبان بطريقة صحيحة، لكان في مقدورهم ربما كسبه إلى صفوفهم. لكنهم تصرفوا كعصبويين يساريين متطرفين غير مسئولين. رفضوا الدخول إلى منظمة الشبيبة الاشتراكية عندما تم استدعائهم للقيام بذلك، ومن ثم رموا بهذه المنظمة الجماهيرية إلى أيدي الستالينيين. لقد كان هذا هو السبب الرئيسي لهزيمة الثورة الإسبانية.

سمى تروتسكي هذا التصرف خيانة وقد كان محقا جدا في ذلك. ونتيجة لذلك عمل على قطع جميع علاقاته مع أندري نين. ما الذي كان سيقوله الآن عن تصرف أورلاندو شيرينوس واليساريين المتطرفين الفنزويليين؟ إن تشافيز رجل نزيه وشجاع. إنه يريد تطبيق الاشتراكية، لكنه لا يفهم كيف يقوم بذلك. والتاريخ يبين أنه يمكن في بعض الأوقات حتى لرجل نزيه، لكن بسياسات خاطئة، أن يلعب دورا أسوء حتى من انتهازي واضح.

لا يمتلك تشافيز حزبا حقيقيا، ويحيط به البيروقراطيون والستالينيون والإصلاحيون من أسوء الأنواع، ويمارسون عليه تأثيرا سلبيا، كما حدث بعد الهزيمة خلال الاستفتاء. لقد كانت تلك هزيمة ضئيلة، لكن تشافيز عانى أيضا من الأوهام البرلمانية، حيث تخيل أنه يجب القيام بكل شيء "بالانضباط للكتاب". ومن ثم عوض تقديم تغييرات جوهرية للجماهير، قدم لها استفتاءا جديدا. لكن هناك عناصر للتعب بدأت تظهر الآن بين الجماهير.

لكن على أية حال لم تنتهي الصيرورة بعد. يمكن لتشافيز أن يتحرك جيئة وذهابا بين يوم وآخر، ويتوقف ذلك على من هو آخر رجل تكلم معه أو آخر كتاب قرأه. فتارة يمكنه أن يكون تروتسكيا وفي اليوم الموالي يتأثر بتشومسكي وهكذا يستمر في عبور الحدود. في الأسبوع الماضي قال أن الثورة تحتاج إلى أن تبطئ وتيرتها، والآن يقول أنه من الضرورة مصادرة الشركات المنخرطة في المضاربات!

يجب علينا أن نوجه كل نيراننا ضد الجناح اليميني وضد البيروقراطية. سيكون كتابي الجديد حول فنزويلا موجها ضد هاينز ديتريخ، الذي يعتبر أهم منظر للتيار الإصلاحي. إنه يتحدث عن "مركز سياسي". لكن ليس هناك من مركز في فنزويلا! هناك تقاطب هائل نحو اليمين ونحو اليسار. هذه هي الحقيقة، والثورة تصل مرحلة حرجة.

من الصعب جدا أن نناقش مجمل المنظورات العالمية خلال هذه الأيام. الجبهات الثورية تنفتح في العالم بأسره، وهي أكثر من أن نتمكن من التطرق إليها في الوقت المتبقي لدينا. لقد عملت فقط على ملامسة بعض القضايا. إلا أننا نوجد في وضع رائع في العالم بأسره: في المكسيك وفنزويلا وباكستان وغيرها من البلدان، لأننا نوجد في المكان الصحيح في الوقت الصحيح.

نحن لا نناقش الثورة الفنزويلية أو الباكستانية أو الإيرانية، نحن نناقش الثورة العالمية. النظام الرأسمالي في أزمة، وتعبر العولمة عن نفسها من خلال أزمة عالمية للرأسمالية. إنها سيرورة واحدة. يجب على الماركسيين، الذين هم هيئة أركان الثورة العالمية، أن يدركوا البعد العالمي لهذه السيرورة.

ستكون هذه السنة سنة جيدة جدا بالنسبة لنا، وسنعقد مؤتمرا عالميا رائعا، سيبين التطور النوعي والكمي الذي حققناه. لكن يجب علينا أن نتأكد من أنه، خلال المرحلة العاصفة التي دخلناها، مرحلة الحرب والثورة، والثورة المضادة، هناك شيء واحد شديد الأهمية: هو أنه يجب علينا أن نمتلك القوى، "قوات على الأرض"، وإلا فإننا سوف نضيع فرصا هامة. لن يواجهنا نقص الفرص، لكننا في حاجة إلى عدد أكثر من المناضلين. إذا ما كان هناك من شيء يجب علينا أن نركز عليه قبل كل شيء، فإنه النمو، استقطاب طاقات جديدة وكسب رفاق جدد وتكوين الكوادر وتجميع القوى التي نحتاجها لبناء أممية تروتسكية جماهيرية حقا.

13 يناير 2008
نيو بورت (بلجيكا)

Source: Marxy.com

Join us

If you want more information about joining the RCI, fill in this form. We will get back to you as soon as possible.