صورة عامة للمؤتمر |
عرف اليوم الثاني للمؤتمر حضور أكثر من 2000 مندوب وعضو وضيف. لم يكن الحماس الذي ساد اليوم الأول شيئا مقارنة مع الحماس الذي ساد خلال اليوم الثاني. أظهرت النقاشات التي دارت مستوى استيعاب عال للمهام المطروحة. وقد بين العمال والشباب الذين تدخلوا أن التيار الماركسي في باكستان قطع شوطا كبيرا جدا منذ بداياته الأولى خلال الثمانينيات.
افتتح هذا اليوم، مثل اليوم الأول، بإلقاء القصائد الثورية وإنشاد الأغاني التقليدية للحركة العمالية الباكستانية. وقد كانت كلمات إحدى تلك الأغاني مؤثرة بشكل خاص:
« لن نكتفي بالانتصار في بلد واحد؛ نحن نريد العالم بأسره، لأننا عمال العالم بأسره.»
ترأس الجلسة الرفيق إلياس خان. إنه رفيق لديه تاريخ طويل من النضال. كان في المعتقل مع الرفيق لال خان خلال سنوات الثمانينات وقد تعرضا للاضطهاد معا في ظل نظام ضياء الحق الرهيب. خلال كلمته الافتتاحية ذكر الرفيق إلياس خان المؤتمرين أن تيد غرانت توقع سنة 1998 بأن الطبقة السائدة ستسلم يوما ما مقاليد الحكومة لحزب الشعب الباكستاني. وقد بينت الأحداث صحة هذا التوقع الرائع.
الرفيق لال خان أثناء تقديمه للنقاش حول منظورات باكستانية |
بعد ذلك قدم الرفيق لال خان النقاش بخصوص المنظورات الباكستانية. شدد على الطبيعة الفاسدة للبورجوازية الباكستانية وأكد أيضا على الصراع الحاصل داخل جهاز الدولة. ثم أشار إلى ما يسمى صراعا بين "المجتمع المدني" والجيش. وأكد على زيف "الديمقراطية" في باكستان. إلا أنه شرح أن "الدكتاتورية" قد فقدت معناها في باكستان. فدكتاتورية مشرف ليست شيئا مقارنة مع دكتاتورية ضياء الحق! وفي سياق شرحه لهذه الفكرة قال: "الرفيق جام ساقي يفهم ما أعنيه". كان الرفيق جام ساقي في الماضي أمينا عاما للحزب الشيوعي الباكستاني وقضى ثماني سنوات في أحد سجون ضياء في ظل ظروف رهيبة، وهو الآن عضو بارز في منظمة الكفاح.
وضح الرفيق لال خان التناقضات الطبقية الموجودة في المجتمع الباكستاني. كان قد حضر في واحدة مما يسمى تظاهرات "المجتمع المدني" بخصوص مسألة القضاة. شاركت في المظاهرة العديد من نساء الطبقة الوسطى والطبقة البورجوازية. ولاحظ لال خان بعض نساء الطبقة العاملة اللائي كن يراقبن المظاهرة. كن متسخات ومتعرقات ويحملن المجارف. سألهن عن ما الذي يشاهدنه. فأجبن ببساطة: "الألوان" في إشارة إلى الألبسة الجميلة التي ترتديها تلك السيدات الثريات. هذا الواقع يصف ببراعة الاختلاف الموجود بين "المجتمع المدني" وبين ما يطلق عليه الرفاق الآن اسم "المجتمع الهمجي" والذي يتشرفون بالقول أنهم ينتمون إليه! شرح لال خان قائلا: « من هذه الأجساد المتسخة والكريهة الرائحة تختمر الثورة».
انتقل إلى الإشارة إلى تدخل منظمة الكفاح في حركة المليوني شخص التي انطلقت للترحيب ببينازير بوتو بعد عودتها خلال شهر أكتوبر. وصف الحركة بكونها حركة « للمجتمع الهمجي الذي يتطلع إلى بوتو من أجل إحداث التغيير.» لكنه وصف أيضا كيف أثرت الحركة الجماهيرية على بوتو وكيف أنها بدأت فجأة تعبر عن ميل نحو اليسار إذ بدأت تندد بالخصخصة وما إلى ذلك. لا تستطيع الدولة تحمل هذه الانعطافة الجذرية وهذا ما يفسر لماذا قرر الجناح الأصولي داخل الدولة اغتيالها، في الوقت الذي كان فيه "الجناح اللبرالي" خائفا من الإقدام على أية خطوة.
شدد على مسألة أنه لو كان لدى الماركسيين 5.000 أو 10.000 مناضل خلال تلك الأحداث لكانت الأمور سارت في اتجاه معاكس جدا لما سارت عليه. لقد دعا الماركسيون إلى الإضراب العام، لكن قواهم كانت ضعيفة جدا. وشرح الوضع قائلا: « كنا نمتلك النوع لكن لم يكن لدينا الكم»
تطرق إلى مسألة تزوير الانتخابات، وموقف حزب الشعب الباكستاني وهو يدخل في تحالف مع عملاء البورجوازية المباشرين، بل إنه وقع اتفاقا مع الحركة الفاشية الممقوتة: الحركة القومية المتحدة بكاراتشي! وأوضح الرفيق كيف أن حكومة غيلاني الجديدة عاجزة عن حل أي من المشاكل الملحة التي تواجه العمال والفقراء الباكستانيين.
شرح كيف تستغل الطبقة السائدة في باكستان المسألة القومية. قال أنها عاجزة عن تقديم حل للمسألة القومية لكنها تستغلها. واختم بقوله: « سوف نوقف الحرب الدائرة في كاراتشي ليس بواسطة الأساليب السلمية، بل بالثورة!»
ترديد نشيد الأممية |
بعد هذا الخطاب جاء دور عامل من الخطوط الجوية الباكستانية (PIA)، والذي شدد على المدى الذي وصله انحطاط قادة النقابات. وقد عارض تصرفاتهم بتصرفات الرفيق منصور أحمد عندما كان عضوا في البرلمان، عندما كان يصارع بشراسة من أجل رفع الحظر عن النقابات.
تلا ذلك مداخلة من طرف الرفيق ندير من بالوشيستان والرفيق شوجات قاسمي من كشمير. أشار [شوجات قاسمي] إلى الجرائم الفظيعة التي ترتكب ضد شعب كشمير، وقال: « في كل مكان، من كشمير إلى بالوشيستان، إلى وزيرستان،الحل هو الثورة الاشتراكية. لم تكن هناك في الماضي أية منظمة ثورية، لكننا الآن موجودون!»
عند ذلك تدخل عامل في السكك الحديدية من كاراتشي، منصور راضي. وقد عبر عن حجم سعادته برؤية النساء في هذا المؤتمر، بعد ذلك انتقل إلى إلقاء قصيدة ضد مفهوم الملكية الخاصة. اقتبس عبارة من قصيدة للشاعر الثوري، حبيب جليب، الذي كان قد صاغ قصيدة، عندما طرح أيوب خان دستورا جديدا، يقول فيها: "لا يمكنك أن تحل مشاكلنا"، فالدستور "صباح بدون ضياء."
أشار رفيق آخر في مداخلته إلى "مافيا البذور"، وشرح كيف يفرض الفقر على الفلاحين بينما يحقق الوسطاء الأرباح. وقال الرفيق أكرم، من روالبيندي: « أستطيع استنشاق عبير الثورة القادمة. إن الحل الوحيد هو الثورة!»
الرفيق منصور أحمد يشرح راهنية أفكار تيد غرانت |
وشرح رفيق شاب، إنعام الحق، من جامعة بنجاب، كيف « يعلموننا أن الله يطلب منا أن نضحي كل سنة، لكننا نضحي كل يوم ويبدو أن الله لا يزال غير قادر على سماعنا.»
بعد ذلك جاءت مداخلة الرفيق منصور أحمد. شرح كم كان دقيقا تحليل الرفيق تيد غرانت للوضع في باكستان، وهو الذي لم يزر باكستان مطلقا، لكن تحليله كان الأكثر ملموسية وصحة. وروى تجربة الفرصة الثورية الضائعة، سنة 1968 في باكستان، وقال أنه يجب علينا ألا نسمح بتكرار ذلك مجددا.
شرح كيف أن ثورة 1968 ضاعت بسبب أخطاء قيادة حزب الشعب الباكستاني آنذاك. ونتيجة لذلك توجب على جيل كامل أن يعيش العذابات. وشرح أيضا كيف أن الماركسيين داخل حزب الشعب الباكستاني طالبوا قادة الحزب بالدعوة إلى الإضراب العام بعد اغتيال بوتو، لكن هذا الطلب قوبل بالتجاهل. لو أن الماركسيين كانوا أقوى لكان الوضع مختلفا.
جاء بعده الرفيق هاريش كومار، من السند، والذي شرح خطورة الأزمة الاقتصادية، مشددا على أن الطبيعة العالمية للاقتصاد تعني أن حدوث الأزمة في بلد واحد يؤثر في جميع البلدان الأخرى.
الرفيق آدم بال يقدم لجلسة النقاش حول التنظيم |
تدخل فريد ويستون بدوره في النقاش. حذر من المخاطر التي تحبل بها الوضعية الحالية. شرح أنها ستكون وضعية سيتعرض خلالها الماركسيون لضغوط هائلة وأنه يتوجب علينا أن نقاوم تلك الضغوط. يجب علينا أن نتحمل كماركسيين. تحبل المرحلة المقبلة بفرص عظيمة ويجب علينا أن نبني على تلك الأسس وأن نتحضر للتدخل في الأحداث الدرامية التي ستنفتح خلالها.
وضع الرفيق لال خان خلاصة للنقاش، مؤكدا على أننا: « تيار ماركسي، بلشفي تروتسكي، نمتلك برنامجنا المستقل.» وشدد بوجه خاص على ضرورة بناء القوى الماركسية في باكستان خلال المرحلة المقبلة.
كانت الجلسة التالية حول المسألة التنظيمية. وقدم لها الرفيق آدم بال الذي أشار إلى كيف يرى المرحلة المقبلة ومهام جميع الرفاق في بناء المنظمة. أكد على ضرورة أن يعمل جميع الرفاق على البناء بوعي في جميع المناطق.
وقبل أن نواصل، يجب أن نشير إلى رواق الكتب الجيد التجهيز الذي كان موجودا داخل قاعة المؤتمر. لقد صدرت مؤخرا طبعة باللغة الأردية للبيان الشيوعي عن دار بيت الكتاب للنشر. وقد أصدرت تلك الدار أيضا أول طبعة أردية على الإطلاق لكتاب ماركس: الرأسمال، مع مقدمة للال خان. هناك الآن تعطش كبير للأدبيات الماركسية في باكستان مما جعل هذه الدار تعمل على نشر الكتابات الماركسية الكلاسيكية.
الرفاق يغنون ويرقصون |
آنذاك توقفت أشغال المؤتمر من أجل استراحة الغذاء. وبعد العودة إلى الأشغال تم الترحيب بالرفاق بإلقاء قصائد ثورية. عندها جاء جميع الرفاق الباشتون إلى المقدمة وأنشدوا أغنية ثورية باللغة الباشتونية. كان الجو مكهربا بالحماس. ليس جميع الرفاق يفهمون اللغة الباشتونية، لكن كلمة "ثورة" مشتركة بينهم جميعا وقد التحقوا جميعا بالمنشدين. لم يعد من الممكن إيقافهم عندما انخرطوا في الغناء والرقص على أنغام الموسيقى.
كان الوقت يصير ضيقا لكن المسير لم يتمكن من إيقاف الرفاق. فالمؤتمر كله انخرط في الغناء. وبمجرد ما انتهى الرفاق الباشتون من الغناء جاء الرفاق السنديون [من السند] إلى المقدمة وبدءوا في ترديد أغانيهم. بعدهم جاء الرفاق الكشميريون بأغانيهم الثورية.
لقد كان من المفرح رؤية جميع هذه القوميات المختلفة، بلغاتها المختلفة وهي تغني معا. هذا يعبر عن الرغبة الحقيقية عند العمال من جميع القوميات في الاتحاد معا. عندها بدأ رفع الشعار: "الاشتراكية قادمة"، وشعار: "الثورة، الثورة، الثورة الاشتراكية."
في النهاية هدأ الرفاق وعادوا إلى مقاعدهم. تمت قراءة التقارير عن عمل ورشات الليلة الماضية حول العمل بين الشباب والعمل بين النساء والعمل في النقابات. بين التقرير أن المنظمة تضم 129 مناضلة، وهو الشيء الذي، وإن كان لا يزال يشكل نسبة ضئيلة مقارنة مع العدد الإجمالي لأعضاء المنظمة، يعتبر جيدا جدا بالنظر إلى الصعوبة الهائلة التي تواجهها النساء في الانخراط في النشاط السياسي في بلد حيث من الممنوع على النساء حتى أن يتواجدن في نفس الغرفة مع الرجال! وتمت الإشارة أيضا إلى أن عدد أعضاء المنظمة قد وصل الآن إلى 2518 وأن الهدف المسطر للسنة المقبلة هو 5100.
الرفيق جام ساقي، الأمين العام السابق للحزب الشيوعي الباكستاني والعضو البارز في منظمة الكفاح حاليا. |
بعد ذلك تم تكريس وقت خاص للرفيق جام ساقي. إنه مناضل مخضرم، كان أمينا عاما للحزب الشيوعي الباكستاني. قضى ثماني سنوات في السجن في ظل دكتاتورية ضياء الرهيبة. إنه مناضل شهير وبطل عظيم في نظر عمال وشباب باكستان. وبينما كان يسير منهكا نحو المنصة، وقف كل المؤتمرين وانخرطوا في موجة عارمة من التصفيق. في كلمته استشهد الرفيق ساقي بمقولة آرخميدس: « أعطني رافعة ومكانا لأثبتها فيه وسأحرك العالم». وأضاف أن الرافعة هي هذه المنظمة: التيار الماركسي الكفاح.
تلا ذلك عرض شريط "دي في دي" لكلمة الرفيق آلان وودز (أنظر أدناه). عندما ظهر الرفيق آلان على الشاشتين الكبيرتين وقف كل المؤتمرين مرة أخرى وانخرطوا في التصفيق. كان الوضع كما لو أن آلان حاضر جسديا. في الواقع شرح العديد من الرفاق كم يفتقدون حضوره بينهم. لم يكن قد تبقى سوى القليل من الوقت فلم تكن هناك أية ترجمة لخطاب آلان وودز. لكن 80 % من الرفاق لديهم إلمام بالغة الإنجليزية ويمكنهم فهم الخطاب. ساد القاعة صمت مطلق بينما كان آلان يحلل الوضع العالمي، أزمة الرأسمالية واحتداد الصراع الطبقي. وفي نهاية الخطاب، الذي دام نصف ساعة، اندلعت موجة أخرى من التصفيق الحماسي المتواصل.
بعد ذلك تلي تقرير عن تطور التيار الماركسي الأممي في العالم، قدمه الرفيق فريد ويستون. وقبل أن يبدأ الرفيق في عرض التقرير، صدحت موسيقى النشيد الأممي، فوقف جميع الرفاق رافعين قبضاتهم.
توقف خطاب فريد ويستون عدة مرات بفعل موجات التصفيق التي كانت تنطلق عندما كان الرفيق يشير إلى التطورات الجديدة والنجاحات المتعددة التي يحققها التيار على الصعيد الأممي. وجه تصفيق خاص للرفاق المكسيكيين. وقد سر الرفاق بسماع الأخبار عن القوة والنفوذ المتزايد الذي يحققه الرفاق الفنزويليون وانتشوا بسماع خبر التحاق مجموعة اليسار الماركسي في البرازيل بالتيار الماركسي الأممي. وقد أبدوا اهتماما خاصا بالتطورات المحققة في إيران. هناك في الواقع العديد من الرفاق في بالوشيستان الذين تعتبر الفارسية لغتهم الأم.
تحمس الرفاق لسماع التقرير وفي ختامه أعادوا ترديد نشيد الأممية، بقيادة الرفيقات اللائي تقدمن إلى المنصة.
المسيرة في شوارع لاهور بعد المؤتمر. |
قدم فريد ويستون بعض الملاحظات الختامية حول الدور الذي لعبه تيد غرانت. بعد ذلك غادر الرفاق قاعة المؤتمر ونظموا مسيرة في الخارج. كان الجو السائد في المسيرة حماسيا جدا. وقد عبرت الشعارات والأناشيد عن الكفاحية والتصميم على العودة إلى حقول الاشتغال وبناء التيار.
كانت المساهمات المالية أحد المؤشرات عن المزاج السائد بين الرفاق ومعنوياتهم. لقد جمع المؤتمر ما يزيد بقليل عن 10.000 جنيه استرليني (20.000 دولار أمريكي)، وهو ما يعتبر مبلغا هائلا بالنظر إلى الأجور المتدنية في باكستان.
إن نوعية العمال والشباب الحاضرين في المؤتمر جيدة فوق ما يمكن وصفه. وقد أظهر نقاش نظم في المساء مع عمال مصنع كاراتشي للصلب عن مستوى عال جدا من الاستيعاب للأفكار الماركسية ولطبيعة المهام المطروحة. يمكننا أن نثق في أن هؤلاء الرفاق سوف يكرسون السنة المقبلة لبناء المنظمة والتحضير للأحداث العظام التي تحبل بها المرحلة المقبلة.
نود قبل الختام أن نتقدم بشكر خاص للرفيق علي رازا، الرفيق الهازاري من بالوشيستان. إنه مناضل نقابي وعضو الفدرالية الباكستانية للموظفين الشبه- طبيين، لكنه أيضا مصور بارع وبفضله استطعنا الحصول على الصور الرائعة المصاحبة لتقريري اليوم والأمس.
لاهور، 02 أبريل 2008
لرؤية جميع الصور، أنظر هنا
رسالة آلان وودز إلى المؤتمر