مع استمرار الاحتجاجات المناهضة للحكومة في اكتساح ليبيا، بدأت مقاليد السلطة تنزلق بسرعة من بين يد الزعيم الليبي معمر القذافي، على الرغم من حملة قمع وحشية ودموية. وفي الوقت الذي بدأت فيه المدن تسقط الواحدة بعد الأخرى في يد القوى المناهضة له، بقيت قاعدته الوحيد الآن هي طرابلس. شرق البلاد صار الآن تحت سيطرة الثوار، ومعظم الولايات الغربية قد سقطت في أيديهم، بما في ذلك مدن قريبة جدا من العاصمة.
منذ ما يزيد قليلا على أسبوع انتفض الشعب للمرة الأولى في بنغازي، التي تعتبر ثاني أكبر مدينة ليبية. ومنذ ذلك الحين انتشرت الثورة بسرعة البرق إلى مدن أخرى، رغم كل المحاولات الوحشية من قبل قوات القمع لسحق التحركات.
عدد الضحايا غير معروف، لكنه بالتأكيد بلغ المئات. قال فرانكو فراتيني، وزير الخارجية الايطالي، إن هناك تقارير "موثوقة" تفيد بمقتل ما لا يقل عن 1000 شخص في هذه الحملة. وقدر طبيب فرنسي أن هناك 2000 قتيل في بنغازي وحدها. لكن لا الرصاص ولا القنابل تمكنت من إيقاف الحركة التي تجتاح البلاد كلها الآن من الشرق إلى الغرب.
تعهد القذافي بسحق الانتفاضة بغض النظر عن التكلفة في الأرواح البشرية. وقد ألقى ليلة الثلاثاء الماضي خطابا غير متماسك على شاشة التلفزيون، معلنا انه سيموت شهيدا في ليبيا، ومهددا بمطاردة أعداءه "منزلا منزلا" و"شبرا شبرا". وحمل مسؤولية الانتفاضة التي تعرفها البلاد لمن أسماهم "الإسلاميين"، وحذر من أن "إمارة إسلامية" قد تمت إقامتها بالفعل في درنة والبيضاء، حيث هدد باستخدام القوة المفرطة.
وبعد أن فقد السيطرة على بنغازي، أمر القذافي ثلاث سفن تابعة للبحرية بمهاجمتها. تشير التقارير إلى حدوث انشقاق بين طاقم البحرية حول ما يجب فعله. إن هذا السلوك سيدفع المزيد من فئات الجيش إلى التخلي عن القائد والالتحاق بجانب الشعب الثوري. وهذا ما يحدث بالفعل.
المرتزقة
في محاولة يائسة لسحق الثورة ونشر الإرهاب، أمر القذافي قواته الجوية بالهجوم على الشعب، وأطلق العنان لجيش من المرتزقة الأجانب للهجوم على المواطنين. وقد نشرت الجارديان تقارير بناء على تصريحات ضابط معارض في الجيش الليبي:
«قال ضابط سلاح الجو، الرائد رجب فيتوني، إنه شاهد زهاء أربعة آلاف من المرتزقة يصلون على متن طائرات نقل ليبية على مدى ثلاثة أيام، اعتبارا من يوم 14 فبراير. وقال: "هذا ما يفسر انقلابنا ضد الحكومة. هذا فضلا عن أن هناك أوامر باستخدام الطائرات لمهاجمة الناس."
«وقال عدد من شهود العيان في بنغازي إنه بينما كانت تستخدم المدفعية ضد المواطنين، فإن طائرات سلاح الجو لم تطلق النار عليهم هنا. لكنها قامت، وفقا لفيتوني، بإسقاط قنبلتين داخل قاعدة رجما العسكرية لوقف عملية وقوع الأسلحة في أيدي القوات المناهضة للحكومة.
«وقال في إشارة إلى اثنان من ضباط القوات الجوية اللذان فرا إلى مالطا على متن طائرتيهما، يوم الاثنين: "الضابطان برتبة عقيد اللذان فرا في طائرات من نوع ميج رفضا أوامر بقصف المواطنين". وأضاف: "كانت هناك أيضا اثنتان من طائرات الهليكوبتر طارتا إلى تونس".»
وفي حادث منفصل قام طياران بالقفز بالمظلات من طائرتهما والسماح بتحطم الطائرة بدلا من إطلاق النار على المدنيين. وقد نشرت صحيفة البايس الاسبانية خبر إعدام 17 طيارا من القوات الجوية اليوم بسبب رفضهم إطلاق النار على السكان المدنيين. كما اتجهت سفينة حربية، كانت قد أرسلت لقصف بنغازي، إلى مالطا.
الشعب المسلح
محاولة إغراق الثورة في الدم فشلت. وقالت مراسلة قناة الجزيرة، هدى عبد الحميد، من مدينة طبرق، على بعد 140 كلمتر عن الحدود المصرية، إنه لم يكن هناك وجود لقوات الأمن: "من خلال ما رأيت، أقول إن سكان شرق ليبيا هم من يسيطرون على الأوضاع".
وقالت إنه لم يكن هناك مسؤولون يحرسون الحدود عندما عبر فريق الجزيرة الحدود إلى ليبيا:
«على طول الحدود، لم نر أحدا من رجال الشرطة، لم نر جنديا واحدا والناس هنا قالوا لنا إنهم [أي قوات الأمن] فروا جميعا أو إنهم مختبئون، وأن الشعب هو المسؤول الآن، وهذا يعني كل الطريق من الحدود إلى طبرق، وبعد ذلك كل الطريق المؤدية إلى بنغازي».
الصحفيون الغربيون الذين دخلوا الآن بنغازي أشاروا إلى اختفاء تام لجهاز الدولة. وتصف الجارديان المشهد قائلة:
«في كل أنحاء بنغازي كانت هناك دلائل تشير إلى أن القذافي قد فقد السيطرة على المدينة. الجيش لم يعد يحرس نقاط التفتيش، التي تحرس الآن فقط من قبل حفنة من شرطة المرور. كل المؤشرات الملموسة عن الديكتاتور قلعت أو أحرقت. وفي حين لم يكن هناك عنف خلال اليومين الماضيين، فقد خرج المتظاهرون الغاضبون في شوارع المدينة وهم يطلقون الرصاص من بنادق الكلاشنيكوف في الهواء ويطالبون القذافي بالتخلي عن السلطة ومغادرة البلاد».
ويرفرف العلم الليبي السابق، الذي يرجع تاريخه إلى مرحلة الكفاح من أجل الاستقلال، فوق المباني الحكومية المحطمة. وقد تم إحراق مقرات قوات البوليس، وتم نهب مستودعات الأسلحة. وصار الناس الآن مسلحين بأسلحة ثقيلة استولوا عليها من المستودعات. وتشير الجارديان:
«باعتبارها أول مؤسسة إعلامية أجنبية تبث التقارير مما يسمى ببنغازي الحرة، شاهدت الجارديان قوات تتدفق على باحة مركز للشرطة وتحمل أطنانا من الأسلحة والذخائر التي نهبت من قاعدة عسكرية للحيلولة دون سقوطها في يد القوات الموالية للدكتاتور الليبي.
«جلب الجنود الصواريخ والأسلحة الثقيلة، التي استخدمت في الاعتداء على المواطنين في بنغازي، يوم السبت الماضي، عندما حاول القذافي أن يحافظ على السيطرة على المدينة. قال الأطباء في بنغازي إنه قتل ما لا يقل عن 230 شخصا، إضافة إلى ما يزيد عن ثلاثين مصابا بجروح خطيرة.
«وكان هناك أيضا أوضح تأكيد على استخدام نظام القذافي للمرتزقة في محاولة لقمع التمرد. وتجمع حشد كبير بجانب مركز الشرطة. رأى مبعوث الجارديان، في الطابق العلوي، عددا من المرتزقة الذين يزعم أنهم اعتقلوا في الأسبوع الماضي، يجري استجوابهم من قبل المحامين ومسؤولي الجيش.»
اضطر القذافي لاستخدام المرتزقة الأجانب لأنه لا يمكنه الثقة في جنوده لإطلاق النار على الشعب. إن هؤلاء المرتزقة متورطون في ارتكاب فظائع رهيبة ضد الشعب. وما يزال مصيرهم مجهولا. لكنهم على الأقل سيعرضون على المحاكمة بسبب جرائمهم. بينما الناس الذين قتلوهم بدم بارد في شوارع بنغازي لم يحظوا بمثل هذا التعامل. وما تزال عصابات من المرتزقة طليقي السراح، يرتكبون جرائم قتل جديدة، كما يشير تقرير الجزيرة:
«الناس يقولون لي إن الأوضاع هادئة جدا أيضا في البيضاء وبنغازي. لكنهم يقولون إن الميليشيات ما تزال تتجول في الجوار، وخاصة أثناء الليل. يصفونهم باعتبارهم رجال أفارقة، ويقولون إنهم يتكلمون الفرنسية، وبالتالي فإنهم يعتقدون أنهم من تشاد.»
وقال الجنرال سليمان محمود، قائد القوات المسلحة في طبرق، لقناة الجزيرة إن القوات التي يقودها قد غيرت ولاءها. قال: "نحن إلى جانب الشعب. لقد كنت معه [القذافي] في الماضي لكن الوضع تغير - إنه طاغية".
كما هو الحال في تونس ومصر بدأ الشعب الثوري في ليبيا يعمل على إنشاء لجان للسيطرة على إدارة المجتمع. وقد نشرت رويترز كلمة لامرأة من بنغازي تلخص الوضع بوضوح: «قالت سمية، وهي ربة منزل من بنغازي: "المدينة الآن صارت على ما يرام بعد قيام مجموعة من المحامين والأطباء، فضلا عن المتطوعين الشباب، بتشكيل لجان عامة تقوم بحفظ النظام".»
سبق لإنجلز أن أوضح أن الدولة جهاز من الرجال المسلحين. في بنغازي وغيرها من المدن التي يسيطر عليها الثوار، لم يعد للدولة القديمة وجود. لقد تم استبدالها بالشعب المسلح والميليشيات الثورية، التي قال عنها لينين إنها جنين سلطة الدولة الجديدة. وفقا لإحدى التقارير، جميع نقاط التفتيش العسكرية بين بنغازي ومصر في الشرق توجد الآن تحت سيطرة الميليشيات المسلحة. حيث يقوم الشبان المسلحين ببنادق الكلاشنيكوف بالتدقيق في هوية سائق شاحنة. احتج السائق قائلا: "لكن ليس هناك أية سلطة حكومية!". صدمت الحجة الشبان، فلوحوا له بابتسامة.
سقوط مصراته
ربما كان القذافي يعتقد أنه يمكنه الاحتفاظ بسيطرته على طرابلس والجزء الغربي من البلاد، واستغلال ذلك لسحق المتمردين في الشرق. ولكن الأحداث حولت حساباته إلى رماد. فالثورة قد امتدت بالفعل إلى الغرب. وبحلول يوم الأربعاء كانت الحكومة قد فقدت السيطرة على مصراته، ثالث أكبر مدينة في ليبيا. وقد تعهد ضباط الجيش في المدينة بتقديم "الدعم الكامل للمتظاهرين".
مصراتة هي أكبر مدينة في النصف الغربي من البلاد تقع في أيدي المتمردين. اندلعت الاشتباكات خلال اليومين الماضيين في مدينة صبراتة، غرب العاصمة. أما الآن فقد سقطت تاجوراء، وهي بلدة تقع على بعد أقل من 15 كيلومترا عن طرابلس، وراية الثوار ترفرف فوقها. وأفادت الأنباء أن مدينة زوارة، في الغرب أيضا، يسودها الهدوء بعد أن سيطر الشعب عليها. لقد اتحد الشعب للقيام بدوريات في الشوارع. وهنا أيضا انضمت كتائب من الجيش إلى المتظاهرين.
الجماهير في بنغازي خرجت إلى الشوارع للتظاهر تضامنا مع جماهير طرابلس. إنها مجرد مسألة وقت قبل اندلاع معركة طرابلس الحاسمة. قالت صحيفة الباييس إن الشعب في طبرق قد أقام لجانا شعبية و"يعم مزاج ثوري كل شيء".
القذافي والإمبريالية
كما كان الحال في تونس ومصر، لا يملك الإمبرياليون الأميركيون والأوروبيون إلا أن ينظروا إلى الأحداث بدون حول ولا قوة بينما الأوضاع تخرج عن نطاق السيطرة. كانوا يأملون التوصل إلى اتفاق مع القذافي، وفتح هذا البلد الغني بالنفط للمستثمرين الأجانب.
يزعم بعض الناس اليساريين أن القذافي "اشتراكي" أو "معاد للامبريالية". لكن هذا غير صحيح. لقد تخلى القذافي، في واقع الأمر، عن أي ادعاء بمحاربة الإمبريالية، ووقع اتفاقات مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والقوى الامبريالية الأخرى، وفتح البلاد لشركات النفط المتعددة الجنسيات.
تسرع التقارب بين ليبيا والإمبريالية في سنتي 2003- 2004، بدءا من الاعتراف بالمسؤولية عن تفجير لوكربي. أفرج البريطانيون عن الرجل الليبي المتهم بالتفجير، مما أثار غضب الأمريكيين، لكن البريطانيين حصلوا على صفقات مربحة مع طرابلس. وكما كان الرومان يقولون: المال لا رائحة له.
لقد خطب السياسيون الرجعيون مثل توني بلير وبرلسكوني ود القذافي. ومن جانبه انخرط القذافي "المناهض للامبريالية" في عملية الخصخصة وتشجيع الشركات الأجنبية لفتح فروع لها في بنغازي وطرابلس. خلال نوفمبر الماضي نشرت صحيفة الايكونوميست تقريرا منمقا عن ليبيا، حيث قارنتها بدبي. لكن الآن كل هذه الأحلام صارت خرابا.
كانت هذه السياسات بالضبط هي التي دمرت بقايا دولة الرفاه التي كانت موجودة سابقا، وخلقت هوة ضخمة بين الثروة الفاحشة لزمرة القذافي وبين فقر الجماهير وتطور البطالة الجماهيرية. وتم القضاء على أي مظهر تقدمي ربما كان للنظام في الماضي. هذا هو السبب الجذري وراء الثورة الحالية.
والآن هناك تقارير تفيد بأن القذافي أمر بتفجير محطات النفط. واضطرت شركات النفط الأجنبية الكبرى مثل بريتش بتروليوم وريبسول لوقف أنشطتها في ليبيا. وقد تم وقف نصف إنتاج النفط في ليبيا. يمكن لعواقب هذا أن تكون مأساوية على الاقتصاد العالمي. أسعار النفط بدأت ترتفع بالفعل. وقد بلغ نفط برنت سقف 110 دولارات للبرميل. ويجوز أن تكون الاضطرابات في العالم العربي سببا في تراجع الانتعاش الاقتصادي الضعيف، مما سيفاقم أكثر أزمة الرأسمالية العالمية.
تفكك النظام
حاول القذافي حشد أنصاره للنزول إلى الشوارع وإظهار دعمهم لزعيمهم. وقد استجابت عدة مئات من الموالين للحكومة لدعوته، حيث نظموا مظاهرة مؤيدة للقذافي بالساحة الخضراء في طرابلس. لكن خطاب القذافي لم ينفع في وقف انهيار معسكره. وفي نفس اليوم وردت أنباء عن إطلاق نار في العاصمة.
هناك دلائل على أن النظام قد دخل في عملية تفكك. ففي وقت متأخر من ليلة الثلاثاء، صار وزير الداخلية، اللواء عبد الفتاح يونس، آخر مسؤول حكومي يستقيل، وقال إنه يستقيل لدعم ما سماه بـ "ثورة 17 فبراير". وحث الجيش الليبي على الانضمام إلى الشعب و"مطالبه المشروعة".
ذكرت رويترز في إحدى تقاريرها، أن السواني يوسف، أحد أبرز مساعدي سيف الإسلام القذافي، ابن معمر القذافي، استقال من منصبه يوم الأربعاء الماضي، "للتعبير عن استيائه من العنف".
وفي وقت سابق، كان وزير العدل، مصطفى عبد الجليل، قد استقال احتجاجا على "الاستخدام المفرط للعنف" ضد المتظاهرين، ودعا الدبلوماسيون في بعثة ليبيا لدى الأمم المتحدة الجيش الليبي للمساعدة في إزالة "الطاغية معمر القذافي". الدبلوماسيون الليبيون في جميع أنحاء العالم إما استقالوا احتجاجا على استخدام العنف ضد المواطنين، أو تخلوا عن قيادة القذافي، وقالوا إنهم يقفون مع المحتجين.
معظم الأخبار مشؤومة على القذافي، فقد أصدرت مجموعة من ضباط الجيش أيضا بيانا حثت فيه الجنود على "الانضمام إلى الشعب" وإزالة القذافي عن السلطة. ومع اشتداد الخناق، هناك دلائل تشير إلى أن أجزاء من الجيش في ليبيا يستعدون للتحرك ضد القذافي في محاولة لوقف انزلاق البلاد إلى مزيد من الفوضى. ويقال إن قائد منطقة طبرق، في الشرق، دعا للقيام بانقلاب ضد القذافي وتشكيل لجنة لتحل محله ومحل الزمرة المحيطة به.
هذا هو السيناريو الذي رغب الامبرياليون في تجنبه في تونس ومصر من خلال رحيل "الأقوياء" في الوقت المناسب. لم يغادر مبارك حتى صار الوضع خارج السيطرة. لكن القذافي وبسبب تشبثه بالسلطة، بالرغم من الانتفاضة الشاملة ضده، دفع الوضع إلى نقطة الانهيار.
سلوكه يتناقض مع كل ما يمليه السلوك العقلاني. أمر الجيش بإطلاق النار على الشعب المنتفض. وقد استخدم المرتزقة للقيام بعمليات القتل لحسابه. كان المقصود من هذا ترويع الجماهير، لكنه فشل في تحقيق هدفه. بل على العكس من ذلك، فقد زاد في إغضاب الشعب، وأدى أيضا إلى تحييد قطاعات كبيرة من الجيش والشرطة، الذين انقلبوا ضد الرئيس.
وأخيرا، يبدو أن بريقا ضئيلا من الواقع قد بدأ يختراق مخ القذافي المظلم. يبدو أن طائرة كانت تقل ابنته منعت من الهبوط في مالطا وأجبرت على العودة إلى ليبيا. لقد بدأ الزعيم يفهم أن النهاية تلوح في الأفق. لكنه لن يغادر مثل بن علي. إذ أنه على كل حال ليس له مكان يذهب إليه! إنه ينوي البقاء والقتال حتى النهاية، حتى لو كان ذلك يعني جر البلد كله معه إلى الهاوية.
إن سقوط القذافي الآن ليس سوى مسألة وقت. وبرفض الاستسلام سيضمن أن تكون نهايته ذات طابع عنيف. سوف يرسل هذا مزيدا من موجات الصدمة عبر كل دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، التي تعاني أصلا من صدمات سابقة أتتها من تونس ومصر.
مع سقوط كل نظام رجعي، يضعف أساس الأنظمة الرجعية الأخرى. الجماهير تراقب كل تطور جديد، وتستخلص الاستنتاجات الضرورية. إن سقوط القذافي سيعلمهم درسا جديدا. فإذا كان النظام الليبي، مع كل أجهزته القمعية الضخمة وجيوش المرتزقة الأجانب، لم يتمكن من الصمود أمام انتفاضة شاملة للشعب، فما هي الفرصة التي تمتلكها باقي الحكومات اللاشعبية العربية الأخرى؟
حكام المملكة العربية السعودية يكرهون القذافي. لكنهم الآن يدعون له لكي ينتصر. لكن دعواتهم لن تستجاب. إن الرسالة القادمة من شوارع بنغازي ومصراتة مدوية وواضحة: أيها الطغاة ارتعدوا!
Translation: Marxy.com