يوم السابع من دجنبر، كتب السيد ر. دوغلاس ماكدونالد رسالة هامة بخصوص الإصلاح الدستوري أشار خلالها إلى مقالي. لقد كان السيد دوغلاس ماكدونالد لطيفا للغاية لكي يقول أنه وجد حجة "وودز" بخصوص عدم دعم الجماهير للتعديلات الدستورية التي اقترحها تشافيز، مقنعة وبارعة: « ربما كان صحيحا أن اقتصادا لا يسير قدما بسرعة كافية لتوفير وتوزيع السلع الاستهلاكية الأساسية يؤدي إلى إنقاص تصميم وحماس الفقراء اتجاه القضية الاشتراكية».
إنني مقتنع بشكل راسخ أن هذا في الواقع هو السبب وأنه يفسر لماذا لم يصوت حوالي ثلاثة ملايين من أنصار تشافيز لصالح التعديلات. إنهم لم يصوتوا ضدها لأنهم لا يؤيدون المعارضة، التي لم تتمكن، بالرغم من بذلها لمجهودات هائلة، من جمع سوى 100,000 صوت إضافي على ما سبق لها أن حققته خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. إنهم بكل بساطة لم يذهبوا إلى مراكز التصويت. لماذا؟ لأنهم غير راضين على البطء الذي تسير به الثورة وغير راضين عن النتائج.
بعد ذلك يقول السيد ماكدونالد أن ما لم أشر إليه هو: « حجة أن الاستفتاء المعدل كان سيمكن تشافيز من أن ينتخب رئيسا مدى الحياة.» ويسأل: « هل يعتقد وودز أن هذا كان سيشكل إصلاحا ديمقراطيا واشتراكيا؟ هل أدى استمرار بقاء تشافيز في الحكومة إلى خدمة قضية الاشتراكية أم إلى ضربها؟»
لقد تكرر نفس هذا السؤال آلاف المرات في صحافتنا التي تسمى حرة خلال الأشهر القليلة الماضية. أسارع بالقول أن الفرق هو أن السيد ماكدونالد يطرح سؤالا نزيها لأسباب نزيهة: إنه يريد توضيح القضية وتطوير النقاش، بينما لا يريد هؤلاء الذين يمتلكون وسائل الإعلام سوى تشويه الرسالة وتسويد صورة هوغو تشافيز.
إن الإجابة سهلة جدا في الحقيقة. تزعم المعارضة ووسائل الإعلام أن تشافيز يريد بناء نظام دكتاتوري، ويريد أن يصير رئيسا منتخبا مدى الحياة وما إلى ذلك. لكن الدستور المعدل لم يكن ليسمح بهذه السلطات أو ما شابهها. لقد كان يستهدف فقط إزالة القيود على الحق في الترشح للرئاسة أكثر من مرتين.هل يشكل هذا انتهاكا للديمقراطية؟ دعونا نرى.
ليست هناك في أوروبا أية قيود من ذلك القبيل. فساركوزي في فرنسا وميركل في ألمانيا يمكنهما أن يترشحا للرئاسة كما يحلو لهما. نفس الشيء بالنسبة لغوردون براون في بريطانيا. وفي جميع الحالات لا ينص الدستور المعدل سوى على حق تشافيز في الترشح إلى الانتخابات. وسيكون من حق الشعب التقرير في ما إذا كان سينتخبه أم لا. السيد ماكدونالد نفسه يقول أنه: « في كندا (على حدود علمي) يمكن لرئيس الوزراء وحزبه أن يتم انتخابهم بشكل متكرر دون أي تقييد ما عدا الرغبة العامة للناخبين والرغبة الخاصة لحزب رئيس الوزراء.»
بالضبط! هذا هو ما يجب أن تكون عليه إجراءات انتخاب رئيس الدولة في ظل الديمقراطية. لدينا في بريطانيا، التي من المفترض أنها بلد ديمقراطي، رئيسة دولة وراثية لم يتم انتخابها أبدا ولن يتم انتخابها أبدا. نفس الشيء صحيح فيما يتعلق بإسبانيا حيث خوان كارلوس، الذي سمح لنفسه بأن يقول لرئيس فنزويلا المنتخب: "اصمت"، لم ينتخب من طرف أي كان، بل عين من طرف الدكتاتور الفاشستي فرانكو.
وبالمناسبة، من انتخب الأسقفية الفنزويلية؟ من انتخب رؤساء تحرير الصحف اليمينية؟ من انتخب قادة الاقتصاد؟ كل هؤلاء لم ينتخبهم الشعب الفنزويلي، الذي صوت بكثافة لصالح هوغو تشافيز قبل أقل من عام.
إذن، كلا، أنا لا أتفق مع الرأي القائل أن الخوف من ولاية رئاسية مدى الحياة هو السبب في امتناع الفقراء عن التصويت لصالح التعديلات الدستورية، بالرغم من أن هذه الحجة قد استعملت بلا شك من أجل تعبئة عدد كبير من أعضاء الطبقة الوسطى وناخبي المعارضة، الذين دفعهم اليمين إلى صناديق التصويت بواسطة الدعاية المكثفة حول خطر الدكتاتورية.
إن ما دفع الفقراء إلى عدم التصويت لصالح مقترحات تشافيز، الذي لا يزالون بدون شك يؤيدونه، كان بالأحرى أشياء من قبيل الفساد المستشري بين رؤساء البلديات وحكام الولايات، وارتفاع الأسعار والنقص الكارثي في مادة الحليب واللحم، الذي هو بوضوح ناتج عن التخريب ويستهدف ضرب مصداقية فكرة الثورة والاشتراكية. والأسوأ هو واقع أن الناطقين باسم الحكومة، وعوض أن يواجهوا جذور المشكلة، يظهرون على شاشات التلفزيون من أجل إخبار الشعب أنه لا يوجد هناك أي نقص وأن كل شيء بخير! الجماهير تعلم أنه ليس كل شيء بخير. إنها تريد إحداث تغيير جوهري في المجتمع. هذا هو السبب الذي جعلهم يصوتون لصالح تشافيز بأعداد غير مسبوقة شهر دجنبر الماضي.
لم يكن الدستور المعدل يشكل وصفة للدكتاتورية، بل كان يتضمن العديد من النقاط التي تخدم مصالح الجماهير. كان يتضمن أسبوع عمل من 36 ساعة، الذي يعتبر أحد الأسباب التي جعلت جمعية أرباب العمل (Fedecameras) تعارضه. كما عارض أرباب العمل أيضا البنود التي كانت ستجعل من السهل تأميم الأبناك والأراضي والمصانع. لم تعجبهم فكرة تشكيل الميليشيات البوليفارية أو المجالس العمالية في أماكن العمل. لم يعجبهم التصميم على بناء اقتصاد اشتراكي في فنزويلا.
هذا هو ما جعلهم يقفون ضد الإصلاح الدستوري. ليس للديمقراطية على الإطلاق أية علاقة بالموضوع. دعونا لا ننسى أن هؤلاء الأشخاص أنفسهم هم الذين كانوا قد ساندوا بحماس انقلاب أبريل 2002، الذي أسقط الرئيس المنتخب ديمقراطيا. ودعونا لا ننسى أيضا أنهم كانوا معارضين بشراسة لدستور 1999، الذي يدافعون عنه اليوم بكل هذا الحماس.
للأسف، لم يتم تطبيق الإصلاحات الاشتراكية الإيجابية التي يتضمنها مشروع الدستور الجديد. يجب علينا أن نعترف بأن المعارضة شنت حملة فعالة جدا. لكن البيروقراطيين الذين لا يزالون، مع الأسف، يحتلون مواقع رئيسية داخل صفوف الحركة البوليفارية وفي المصالح الحكومة وفي قصر ميرافلوريس، لا يمتلكون القدرة ولا الرغبة في شن حملة جدية من أجل الاشتراكية.
الحقيقة هي أن المعارضة لم تفز بحملة الاستفتاء على الدستور: بل نحن من خسرها. وقد خسرناها ليس لأن الثورة سارت بأسرع مما يجب أو إلى أبعد مما يجب، بل لأنها سارت بأبطء مما يجب ولم تسر بعيدا بما فيه الكفاية. دعونا نتمنى أن يستخلص تشافيز ومناضلو الحزب الاشتراكي الفنزويلي الموحد الخلاصات الصحيحة مما حصل.
عنوان النص بالإنجليزية