بينما يتجه العالم نحو كارثة بيئية خلقها النظام الرأسمالي، كيف تستجيب أيرلندا – إحدى أكثر البلدان الأوروبية تلويثاً للبيئة – للأزمة؟ الدولة تقوم بقمع الناشطين البيئيين الشباب. نقول: الاحتجاج ليس جريمة! يجب إسقاط التهم الموجهة إلى نشطاء المناخ!
في 19 مارس/آذار، توجهت أورلا مورفي (التي تبلغ من العمر 19 عاماً) إلى مبنى وزارة الشؤون الخارجية في دبلن وقامت برش الطلاء الوردي على المبنى قبل أن تكتب عبارة “لا مزيد من الوعود الفارغة” على واجهة المبنى. في هذه الأثناء، قام صديقها وزميلها الناشط وأحد أنصار تيار الماركسيين الأيرلنديين (التيار الماركسي الأممي في أيرلندا)، زاك لوملي، ببث احتجاجها على الهواء مباشرة.
هذا احتجاج مبرر على تقاعس الدولة الأيرلندية. اعتقل الحرس كلاً من أورلا وزاك، وفرضوا شروطاً قاسية للغاية للكفالة تصل إلى 3,000 يورو. كان زاك، بطبيعة الحال، غير قادر على الحصول على هذه الأموال في غضون مهلة قصيرة ونتيجة لذلك أمضى ثلاث ليالٍ في السجن، بينما رفضت أورلا التوقيع على شروط الكفالة وسُجنت لمدة خمسة أسابيع. منذ الإفراج عنهما، واجه كلاهما شروطاً قاسية. من بينها منع زاك من دخول الكثير من الأماكن في وسط مدينة دبلن وحظرت أورلا تماماً من دبلن، وتم منعها من الاقتراب من المباني الحكومية، والاضطرار إلى تسجيل الدخول في مركز شرطة يومياً – كان على زاك أن يوقع في مركز الشرطة 112 مرة منذ مارس/آذار. لم يتم تخفيف الشرط الأخير إلا مؤخراً في حالة زاك حتى يتمكن من مواصلة دراسته في أكسفورد، بريطانيا.
يواجه الاثنان الآن تهماً خطيرة تتعلق بالضرر الجنائي، والتي من المحتمل أن تشمل أحكاماً بالسجن. نعتقد أن هذه المحاكمة المشينة للناشطين – اللذين تسببا في قدر ضئيل من الضرر السطحي لمبنى في معركتهما ضد الضرر الكارثي الذي تلحقه الطبقة السائدة بكوكبنا – هو محاولة لتخويف الناشطين البيئيين الشباب في جميع أنحاء أيرلندا.
إنه يثبت مرة أخرى أن الوظيفة الأولى للدولة الرأسمالية – في أيرلندا وأى مكان آخر – ليست الدفاع عن الحق الديمقراطي في الاحتجاج، ولا الحق في وجود حضاري على هذا الكوكب خالٍ من أهوال تغير المناخ. هدفها الوحيد هو الدفاع عن الممتلكات وحق المستفيدين الذين تسببوا في الأزمة البيئية في الاستمرار في إثراء أنفسهم.
ندعو النشطاء البيئيين والاشتراكيين والنقابيين على الصعيد الأممي إلى زيادة تضامنهم مع هؤلاء الرفاق الشباب والمساعدة في صد هذا الاعتداء على الحق الديمقراطي في الاحتجاج. قم بقراءة المقالة إلى نهايتها لمعرفة كيف يمكنك المساعدة.
“لا مزيد من الوعود الفارغة”
مثل ملايين طلاب المدارس في جميع أنحاء العالم ، شارك أورلا و زاك في حركة الاضراب المدرسي منذ بدايتها. في عامها الأخير في التعليم الإضافي، اتخذت أورلا هذا الإجراء للفت الانتباه إلى حقيقة أن أيرلندا، التي تشغل حالياً مقعداً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتتولى بالفعل رئاسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم تفعل شيئاً لتسليط الضوء على أكبر تهديد “لأمن” المليارات من الناس: تدمير البيئة من قبل الطبقة الرأسمالية. تهدد الكارثة المناخية التي تغرق فيها الرأسمالية العالم بتشريد مئات الملايين من الناس، ومحو الدول الجزرية الصغيرة عن الوجود، وإذكاء الحروب القومية بشكل متزايد من أجل الموارد المحدودة – باختصار لسرقة المستقبل من الشباب وإغراق البشرية في البربرية.
من بين بلدان أوروبا، تعد أيرلندا ثالث أكبر مصدر لانبعاث غازات الاحتباس الحراري للفرد. قبل عام ونصف فقط، كان حزب الخضر قد صعد في استطلاعات الرأي في انتخابات يناير/كانون الثاني 2020، على خلفية حركة إضراب المناخ وتطلعات مئات الآلاف من الشباب. بشكل فاضح، جاء نفس الحزب لإنقاذ الحزبين التقليديين المؤيدين للرأسمالية في أيرلندا: الحزب الجمهوري المحافظ “Fianna Fáil” والحزب الديمقراطي المسيحي الليبرالي “Fine Gael”. في كل عمل قاموا به منذ تلك الانتخابات، خانوا تماماً تطلعات أولئك الذين انتخبوهم. الآن يجلس حزب الخضر على طاولة الحكومة، للدفاع عن مصالح الملوثين الرأسماليين في دايل، بينما يواجه نشطاء المناخ الشباب احتمالية السجن بسبب النضال من أجل العدالة المناخية.
في الفترة القصيرة التي قضتها في السلطة، كان سجل هذه الحكومة مروعاً: حيث تقديم وعود السكارى مع الاستمرار في تقديم الدعم الكامل لأكبر الرأسماليين الملوثين. في عام 2020، صنفت إحدى المنظمات غير الحكومية إيرلندا في المرتبة الثالثة من حيث أدنى دولة في الاتحاد الأوروبي من حيث مكافحة تغير المناخ. كان هذا في الواقع أعلى من السنوات السابقة بسبب التزامات شفهية معينة من قبل الحكومة الأيرلندية لتنظيف عملها. لكن هذه الالتزامات الشفهية لا تستحق الورقة التي كتبوها عليها. باستخدام كلمات أورلا، التي رسمتها بأحرف كبيرة على حائط مبنى الشؤون الخارجية، نقول: “لا مزيد من الوعود الفارغة!”.
المقترحات “البيئية” الملموسة الوحيدة التي ظهرت من تحالف الحزب الجمهوري المحافظ والحزب الديمقراطي المسيحي الليبرالي والخضر “FF-FG-Green” كانت مجرد تقشف “صديق للبيئة” مثل الضرائب على الوقود التي تستهدف الركاب العاديين. وفي الوقت نفسه، يتم افتتاح مراكز بيانات جديدة كثيفة الاستهلاك للطاقة في أيرلندا، ويتوقع البعض أن مزارع الخوادم هذه يمكن أن تستهلك 70٪ من كهرباء أيرلندا بحلول عام 2030.
ما الذي تفعله الحكومة للتأكد من أن الزيادة في استخدام الكهرباء التي تتوقعها من مراكز البيانات هذه لن تأتي على حساب زيادة حرق الوقود الأحفوري؟ حسناً، إنهم يبحثون حالياً في ما يسمونه “اتفاقيات شراء الطاقة المؤسسية” (CPPAs)، والتي من شأنها أن تسمح للشركات الضخمة بشراء الطاقة المتجددة مباشرة من الموردين. عندئذٍ ستكون هذه الشركات قادرة على التباهي بأوراق اعتمادها “الخضراء”، بينما سيأخذ بقية المجتمع أي طاقة متبقية (إن وجدت!) من الشبكة. مثل هذه الاتفاقات لا تعني أي إمدادات كهرباء خضراء إضافية. إنها ترقى حرفياً إلى سياسة إعادة ترتيب الكراسي على ظهر السفينة تايتانيك، كما تفعل جميع سياسات الطبقة السائدة.
من أجل عمل جماهيري! من أجل حل اشتراكي لتغير المناخ!
تُظهر الأرقام المثيرة لاستخدام الكهرباء من قبل مزارع الخوادم العملاقة المنتشرة في جميع أنحاء أيرلندا أن الملوثين الحقيقيين هم العمالقة الرأسماليون في صناعة تكنولوجيا المعلومات، والأعمال التجارية الزراعية، وقطاعات أخرى. لا يمكن لأي قدر من التغييرات في نمط الحياة الفردي، أو في هذا الصدد “التقشف الأخضر”، أن يحدث تأثيراً في الانبعاثات أو التدهور البيئي. على المستوى العالمي، 100 شركة مسؤولة عن 71٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، في حين أن 20 شركة فقط مسؤولة عن 55٪ من نفايات البلاستيك ذات الاستخدام الواحد.
الحل الوحيد لهذه الأزمة يكمن في إعادة تنظيم كاملة ومخططة للاقتصاد العالمي لوضع الحاجة البشرية والبيئة في أولى أولوياته. المشكلة هي أنه لا يوجد تخطيط في ظل الرأسمالية. السوق فوضوية بالكامل، حيث يعمل كل رأسمالي من أجل الربح فقط. في الواقع، يجب على كل رأسمالي أن يعمل لتحقيق أكبر ربح ممكن إذا أراد أن يتفوق على منافسيه والبقاء في السوق. كل ما لا يظهر في الميزانية العمومية هو “عوامل خارجية” يجب تجاهلها.
فقط من خلال انتزاع الأعمال الزراعية الكبرى، وعمالقة تكنولوجيا المعلومات، وجميع الاحتكارات الأخرى، بما في ذلك وقبل كل شيء البنوك الكبرى، من أيدي الزمرة الصغيرة من الرأسماليين الذين يملكونها الآن وتوحيدها في خطة اقتصادية تحت السيطرة الديمقراطية للطبقة العاملة، سنستطيع إحداث التغيير الحاد في الاتجاه اللازم للتخفيف من تغير المناخ.
لكن الطبقة السائدة الأيرلندية لن تتخلى عن ثروتها طواعية. والدولة الأيرلندية موجودة للدفاع عن تلك الثروة. كما أوضح زاك، “في ظل الرأسمالية، يكون العمل من أجل حل أزمات المناخ والأزمة البيئية أمراً مستحيلاً، حيث يتم السعي لتراكم الأرباح بأي ثمن على حساب البيئة والصحة وحياة الإنسان. الحل الوحيد هو الثورة، مع استيلاء الطبقة العاملة على السلطة لتخطيط الاقتصاد بطريقة ديمقراطية، لمصلحة الإنسانية، وليس للربح”.
فقط التعبئة الجماهيرية للطبقة العاملة حول برنامج اشتراكي يمكن أن تتحدى الملوثين الرأسماليين. ولكن بدون قيادة قتالية من الحركة العمالية وبدون وجود بديل يقدم طريقاً واضحاً للمضي قدماً، فلا عجب أن الشباب سيحاولون بشجاعة تولي زمام الأمور بأيديهم من خلال أفعال فردية مباشرة. هذا مفهوم بالكامل، لكنه في حد ذاته لا يحتوي على حل للأزمة.
سوف تتجاهل الدولة والطبقة السائدة بكل سرور مثل هذه الأعمال الفردية. في حالات أخرى، كما نرى مع أورلا و زاك، سيحاولون حتى شيطنة الشباب الراديكالي وتجريمهم وجعلهم عبرة لغيرهم. قامت مجموعات مثل تمرد الانقراض”Extinction Rebellion” بوضع مبدأ من تكتيكات العمل المباشر والعصيان المدني. ومع ذلك، يجب أن تنبع تكتيكاتنا من البرنامج السياسي للحركة.
فقط الطبقة العاملة المنظمة يمكنها تحدي النظام الرأسمالي والدمار الذي يلحقه بالعالم عن طريق الثورة الاشتراكية. لذلك من الضروري الانتقال من العمل الفردي المباشر إلى العمل الجماهيري المباشر. لقد أوضحت حركة الاضراب المدرسي الطريق. مرة أخرى، مع ذلك، تجاهلت الطبقة السائدة ببساطة طلاب المدارس المضربين ويمكنها الاستمرار في فعل ذلك.
ومع ذلك، إذا التزمت الطبقة العاملة على نطاق أوسع، بأخذ زمام المبادرة من طلاب المدارس، ببرنامج إضراب وتعبئة جماهيرية، فسيتعين على الطبقة السائدة الجلوس والانتباه. لا يضيء مصباح كهربائي، ولا تدور عجلة دون إذن الطبقة العاملة. في نهاية المطاف، فإن القوة ليست فقط في إيقاف هذا النظام، ولكن في إلغاء الرأسمالية وإعادة تنظيم المجتمع على أساس اشتراكي، تلك القوة تكمن بشكل جماعي في أيدي الطبقة العاملة.
يجب أن تنبع تكتيكات الحركة من هذا الفهم لدور الطبقة العاملة في تغيير المجتمع. الإضراب الجماهيري من قبل طلاب المدرسة يولد التعاطف بين العمال بشكل عام، الذين هم أولياء أمور هؤلاء الطلبة. ويمكن، بل ويجب أن يتحول ذلك التعاطف إلى مشاركة وعمل فعالين. مع ذلك، تجدر الإشارة أيضاً إلى أن بعض الأعمال المباشرة وتكتيكات العصيان المدني من قبل الحركة البيئية يمكن أن يكون لها تأثير معاكس.
يمكن لحركة أيام الجمعة من أجل المستقبل والناشطين البيئيين الشباب أن يلعبوا دوراً مهماً في هذه العملية من خلال التواصل مع الحركة العمالية، ونشر نفس الروح القتالية المناضلة التي رأيناها بين طلاب المدارس. يحتاج العمال والشباب الأكثر راديكالية إلى التنظيم وإدخال الأفكار الثورية والاشتراكية والأساليب القتالية في الحركة العمالية.
الاحتجاج ليس جريمة!
في السنوات القليلة الماضية، شهدنا عدداً من الحالات التي حاولت فيها الدولة الأيرلندية تعزيز سلطاتها القمعية واللجوء إلى الأساليب الشرطية لتجريم الاحتجاج.
قبل بضع سنوات فقط، في عام 2014، رأينا نشطاء سلميين من أجل المياه، بما في ذلك بول مورفي مهددين “بالسجن” بعد تنظيم احتجاج في جوبستاون أمام “TD’s car”. واجه المتهمون تواطؤاً من قبل السياسيين والأمن ووسائل الإعلام والنظام القضائي والمؤسسة الحاكمة بأكملها في محاولة لتأمين إدانات خطيرة للغاية ضدهم. فقط الغضب العام الذي أعقب حملة تضامنية مع المتهمين أبطل خطة المؤسسة وحكم لهم ب”البراءة”.
في مواجهة قمع الدولة الأيرلندية، ندعو دعاة حماية البيئة والاشتراكيين والنقابيين في أيرلندا وعلى الصعيد الأممي إلى رفع أصواتهم تضامناً مع أورلا و زاك. المؤسسة الحاكمة تريد تحويل الاحتجاج إلى عمل إجرامي. المجرمون الحقيقيون هم رجال الأعمال الكبار، الذين يدمرون البيئة بشكل عشوائي في سعيهم وراء الربح، و نادي المليونيرات من السياسيين الذين يساعدونهم ويحمونهم.
التوقيع على عريضة إسقاط التهم:
- للتوقيع على عريضة المطالبة باسقاط التهم.
- إرسال رسالة احتجاج بالبريد الإلكتروني إلى رئيس النيابات العامة ووزير العدل.
- تسليم رسائل احتجاج إلى السفارات والقنصليات الأيرلندية في 12 أكتوبر/تشرين الأول.
- نشر صوراً ورسائل تضامنية مع أورلا و زاك باستخدام الهاشتاج #ClimateProtestNotACrime و # NoMoreEmptyPromises.
نقول: أسقطوا التهم! الاحتجاج ليس جريمة!
نموذج البريد الإلكتروني
أرسل بريدك الإلكتروني إلى: dpp@dppireland.ie، eamon.ryan@oireachtas.ie، eather.humphreys@oireachtas.ie
نسخ في: irishmarxists@gmail.com.
عزيزي/تي السيد/السيدة،
نكتب إليكم للتعبير عن قلقنا من أن الدولة قررت مقاضاة شابين ناشطين بيئيين، أورلا ميرفي و زاك لوملي.
إنها فضيحة أنه في الوقت الذي يتجه فيه العالم نحو كارثة مناخية، تُخضع الدولة في أيرلندا نشطاء المناخ الشباب لشروط كفالة قاسية وتهم جنائية خطيرة. إن القدر السطحي وغير الملحوظ من الضرر الناجم عن الاحتجاج الذي أدى إلى مقاضاة أورلا و زاك يتضاءل تماماً بجانب الدمار الذي يلحق بمناخ الأرض.
ندعو وزير العدل للتدخل ونطالب رئيس النيابة العامة بإسقاط جميع التهم الموجهة ضد أورلا و زاك على الفور.
مع اقتراب مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ 2021 “COP26″، وإيرلندا من بين أسوأ الملوثين في أوروبا، تتجه أعين الناشطين البيئيين والنقابيين والشباب في كل مكان إلى الحكومة الأيرلندية.
بكل الإخلاص،
[اكتب اسمك وبلدك ومنظمتك إن أمكن].