قد يواجه العالم، خلال الأسابيع والأشهر القادمة، “مجاعات متعددة وذات أبعاد رهيبة”، ومع انتشار الحروب والفقر والجائحة التي تنتشر الآن في جميع أنحاء العالم، تظهر التوقعات الأخيرة أن الفئات الأسوأ حالا قد تضررت أكثر من أي وقت مضى.
[Source]
وقد أصدر برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، تحذيرا مرعبا بأن العالم يقف على حافة مجاعة “ذات أبعاد رهيبة”. وتعتقد الأمم المتحدة أن 265 مليون شخص على الأقل يُدفعون إلى المجاعة نتيجة لأزمة فيروس كورونا.
وهذا ليس بسبب سوء المحاصيل، ففي الواقع، كانت المحاصيل جيدة. يعود الأمر برمته إلى الأزمة الاقتصادية الحادة وتفكك الاقتصاد العالمي.
الرأسمالية هي السبب
لن تتمكن نُظم الرعاية الصحية في البلدان الفقيرة والمستغَلة من التعامل مع الفيروس، وسوف تموت أعداد هائلة من البشر. وسوف يكون التباعد الاجتماعي مستحيلا في مثل هذه البلدان، كما أن إجراءات الإغلاق تشكل حاجزا هائلا أمام توزيع المواد الغذائية الأساسية في المناطق النائية.
لكن هذا بعيد كل البعد عن كونه كارثة بيولوجية غير متوقعة ولا علاقة لها بالرأسمالية. فبصرف النظر عن فيروس كورونا، فإن ملايير البشر عبر العالم لا يمكنهم أن يأكلوا إلا إذا حصلوا على أجر، وحتى في هذه الحالة فإنهم يظلون يعانون من سوء التغذية.
إن الفوضى الاقتصادية التي تجتاح العالم سوف تتسبب في حرمان مئات الملايين من الأجور لفترة طويلة. وسوف تنضب أيضا التحويلات المالية من الأقارب العاملين في البلدان الغنية. وفي ظل هذه الظروف فإن الملايين في المدن، وليس فقط أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية، سيواجهون المجاعة في الأشهر القليلة القادمة. وسيتضرر اللاجئون بشكل خاص.
وحتى بعد القضاء على الفيروس، سوف نجد أنفسنا في مواجهة أضرار اقتصادية طويلة الأمد، فضلا عن سنوات عديدة من التقشف القاسي، بسبب لاعقلانية الرأسمالية. وسوف يتبنى زعماء العالم السياسات الحمائية على نحو متزايد، وقد تتفكك مؤسسات مثل الاتحاد الأوروبي وسط الاتهامات المتبادلة.
وهذا من شأنه أن يؤدي إلى سنوات من الأزمة الاقتصادية، وعدم اليقين، والمعاناة ــ أسوأ بكثير مما شهدناه بعد عام 2008.
الفقر في العالم
يذكر تقرير الأمم المتحدة -دون أن يمرر أي تعليق- أن رقم 265 مليون شخص على شفا الموت جوعا يمثل ضعف العدد الذي سجل قبل انتشار الفيروس. أي أنه حتى دون أن يصيب العالم أي فيروس غير متوقع، فقد كان هناك أكثر من 130 مليون شخص على شفا المجاعة، وذلك بعد عقدين من القرن الحادي والعشرين.
وقد صرّح رئيس برنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيسلي، أنه كان يقول “بالفعل سيكون عام 2020 أسوأ عام منذ الحرب العالمية الثانية، على أساس ما توقعناه في نهاية العام الماضي”.
شهدت السنوات الأخيرة صعود مدرسة فكرية تعرف باسم “المتفائلين الجدد”، يحتفل بها أمثال بيل غيتس ويظهر روادها بشكل متكرر في مؤتمرات TED، حيث يوضحون بفرح أن العالم يتحول بشكل لا هوادة فيه إلى مكان أفضل. فالناس في كل مكان يزدادون غنى، ومتوسط العمر المتوقع يرتفع؛ وسوف يستمر هذا على نحو أو آخر إذا ما تركنا “السوق الحرة” تقوم بعملها.
كانت أفكارهم دوما تافهة ومختلقة على أساس إحصائيات منتقاة ومعدلات مضللة تخفي التفاوت المتنامي. وما تكشف عنه هذه الأزمة هو أن الرأسمالية لا تجعل العالم مكانا أفضل، بل إنها تلوث وتجوع الكوكب.
الاشتراكية أو البربرية
إن الوضع بالغ السوء إلى درجة أن رئيس برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، اضطر إلى وصف الحالة التي تواجه الإنسانية بأنها “رهيبة”.
في عام 2020 -بعد مرور أكثر من خمسين عاما على وصول الإنسان إلى سطح القمر، في عصر الهواتف الذكية المنتشرة في كل مكان والقدرة على إنتاج الغذاء لعشرة ملايير شخص- ها نحن نُدفع مجددا إلى البربرية.
هذا هو المعنى الملموس لتصريح روزا لوكسمبورغ الشهير والصحيح بالكامل بأن “المجتمع البرجوازي يقف على مفترق الطرق، إما الانتقال إلى الاشتراكية أو الارتداد إلى البربرية”.
كما أن لينين قال عبارته الشهيرة بأن “الرأسمالية رعب لا نهاية له”. إننا نناضل ضد النظام الرأسمالي وبربريته. إننا نناضل من أجل الاشتراكية التي هي المخرج الوحيد أمام البشرية. فانضموا إلينا!