أثارت جائحة فيروس كورونا أعمق أزمة في تاريخ الرأسمالية. لن تكون هناك عودة إلى “الحياة الطبيعية”. سوف يتحول الوعي إلى الأبد. يجب علينا أن نبني بشكل عاجل القوى الماركسية.
[Source]
لقد دخلنا مرحلة حرجة ومختلفة نوعيا في أزمة الرأسمالية. الاقتصاد العالمي في حالة سقوط حر، بمعدل يفوق أي شيء شهدناه من قبل.
توقع بنك إنجلترا أن الاقتصاد البريطاني سيشهد أعمق ركود له منذ 300 عام -أي، في الواقع، منذ “الصقيع العظيم” عام 1709- مع تراجع الإنتاج بنسبة 30% تقريبا خلال النصف الأول فقط من هذا العام. وهذا ما يجعل من عام 1929 والكساد العظيم مثل حفل شاي بالمقارنة.
هذا مذهل بكل المقاييس، لكنه ليس مقتصرا على بريطانيا. سوف تتأثر جميع بلدان العالم على عمق ونطاق غير مسبوقين.
إنها أزمة النظام الرأسمالي، أما الجائحة فلم تعمل سوى على إعطائها الشرارة. كان الاقتصاد العالمي يتجه فعلا نحو الركود حتى قبل انتشار الجائحة، وقد كانت جميع التناقضات التي تراكمت خلال الفترة السابقة تحضر بالفعل لانهيار جديد. أما الجائحة فقد لعبت دور المحفز وأدت إلى تفاقم الأزمة القائمة، مما أدى إلى تسريع السيرورة، كما دفعت، في نفس الوقت، بجميع التناقضات الكامنة إلى السطح.
من المرجح أن يؤدي هذا الركود العالمي، الذي هو أعمق بكثير من ركود 1929-1933، إلى كساد عظيم جديد. يتوهم المدافعون عن الرأسمالية أن الأزمة ستحل قريبا. وخبراء بنك إنجلترا، على سبيل المثال، يتوقعون أنه سيكون هناك انتعاش سريع على شكل حرف “V”، بحيث أن الاقتصاد سيحقق نمو سريعا بعد الركود العميق. لكن هذا يعكس أحلامهم أكثر مما يعكس المنظور الحقيقي.
التفكك والانحطاط
يمكن للعالم أن يتجه بسهولة إلى حروب تجارية، حروب قد تم تحديد خطوطها العريضة بالفعل مع هجمات ترامب على الصين وتهديداته ضد أوروبا. سيحاول كل بلد رأسمالي أن يرمي العبء على منافسيه – وفي النهاية على عاتق الطبقة العاملة.
كانت حقبة العولمة حقبة تفكيك الصناعات، وتوسيع هوة اللامساواة وزادت من حدة المنافسات. هذه مظاهر احتضار الرأسمالية. إن البرجوازية تقود المجتمع إلى الإفلاس التام.
ستتسبب هذه الأزمة في المزيد من الحرمان والمعاناة لجماهير جميع البلدان. وقد ضربت البطالة في الولايات المتحدة بالفعل 33 مليون عامل، وهذا الرقم سيرتفع أكثر.
ستؤثر البطالة الجماهيرية على جميع البلدان بسبب تدهور اقتصاداتها بشكل كبير. ولن تكون هذه البطالة مؤقتة، بل بطالة بنيوية. القوى المنتجة تنحط في كل مكان، مع إغلاق المصانع الواحد تلو الآخر، والإنتاج ينهار.
شيء واحد يمكننا أن نكون متأكدين منه تماما، وهو أن هذه الأزمة لن تكون قصيرة المدى. ستكون عميقة للغاية وستستمر تأثيراتها لسنوات وعقود قادمة.
ضربات المطرقة
لم يسبق لأي شخص على قيد الحياة اليوم أن شهد مثل هذا الوضع. وأزمة 2008- 2009 لم تكن شيئا بالمقارنة معه. تشكل هذه الأحداث صدمة هائلة تؤثر على ملايين الناس. ومهما كان مستوى الأمن الذي كان لديهم في السابق، فإنه سيتبخر بين عشية وضحاها.
ستؤدي ضربات المطرقة هذه إلى تغيير جذري في وعي الجماهير التي تواجه الآن الانعكاسات الرهيبة لأزمة رأسمالية أخرى، بعد مرور عقد من التقشف.
ملايين الناس، الذين لم يكونوا يعتبرون أنفسهم أبدا مهتمين بالسياسة، سيصبحون مسيسيين وراديكاليين للغاية، وستستخلص بعض الفئات خلاصات ثورية. وبينما ستستخلص مختلف الفئات خلاصات مختلفة في أوقات مختلفة، فإن الاتجاه العام سيكون هو ذاك.
إن الخطر الأكبر على الاشتراكيين هو أن يتخلفوا عن الأحداث، والاعتقاد بأن الأمور ستعود إلى “الوضع الطبيعي”. علينا أن نفهم أننا دخلنا حقبة جديدة تماما.
نحن نستعد لمثل هذه الأحداث منذ أكثر من 50 عاما، وها قد جاءت الآن أخيرا، حيث تكشف الرأسمالية المأزومة طبيعتها الحقيقية لملايين الناس.
يمكن وصف الظرف الموضوعي الذي ينضج أمامنا بأنه ظرف ما قبل ثوري. والأزمة الحالية، التي تشمل جميع المستويات، هي مؤشر واضح على ذلك.
هذا لا يعني أن الثورة ستندلع على الساعة التاسعة صباح يوم الاثنين. إن الحقبة الثورية التي دخلناها ستشهد العديد من فترات الصعود والهبوط، بل وحتى فترات اليأس والردة الرجعية. لن يكون الطريق معبدا مستقيما، لأن الجماهير تتعلم فقط من تجربتها الخاصة.
فترة ما بعد الحرب، التي تمكنت الرأسمالية خلالها من التغلب، جزئيا على الأقل، على تناقضاتها -وخاصة حدود الدولة القومية والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج- قد وصلت إلى نهاية مفاجئة عنيفة. لقد استنفد النظام الرأسمالي نفسه.
الأزمة الحالية ليست استثناء، بل تمثل عودة إلى الطبيعة الحقيقية للرأسمالية. وهذا يمثل تغيرا جوهريا. من الضروري طرح هذا المسألة مباشرة أمام العمال والشباب المتقدمين.
لكن يجب علينا أيضا أن نوضح أنه على الرغم من أن الرأسمالية تواجه أزمة ذات أبعاد تاريخية، فإنها لن تنهار بمحض إرادتها، بل يجب أن يتم الإطاحة بها بوعي ونشاط.
إصلاح أم ثورة؟
ننتقد قادة اليسار داخل الحركة العمالية اليوم لأنهم يعيشون في الماضي ويسعون إلى إصلاح النظام الرأسمالي. وهذا مستحيل.
من الغريب أنهم يطلقون على الماركسيين تهمة الطوباوية، بينما هم الطوباويون الحقيقيون. إنهم يبحثون عن أي “حل” باستثناء الحل الوحيد الممكن والذي هو القضاء على الرأسمالية وتطبيق خطة إنتاج اشتراكية عقلانية.
لا يوجد طريق وسط في هذه الحقبة. يجب علينا دائما أن نشرح الواقع ونقول الحقيقة للطبقة العاملة. أما قادة حزب العمال والنقابات العمالية فيعملون على تهدئة الطبقة العاملة لكي تنام، وينشرون الآمال الكاذبة بخصوص المستقبل. وبينما تستشعر الطبقة العاملة الكارثة المحدقة، يعملون هم على نشر الأوهام.
بالطبع هذا لا يعني أننا لا نناضل من أجل الإصلاحات، سواء الاقتصادية أو غيرها. بل على العكس إننا نعتبر هذا النضال أمرا حيويا، فبدون النضال من أجل المطالب اليومية لن يكون هناك نضال شامل من أجل الاشتراكية.
لكن هذا النضال من أجل الإصلاحات يجب أن يرتبط بالنضال من أجل تغيير المجتمع. لقد تم كسب جميع الإصلاحات الاجتماعية في الماضي من خلال الصراع الطبقي الكفاحي.
إلا أنه في ظل الرأسمالية، كل ما يضطر الرأسماليون إلى التنازل عنه بيدهم اليمنى، يسارعون دائما إلى استعادته باليسرى. لا يقدم الرأسماليون أي شيء للعمال إلا عندما يشعرون بأنهم مهددون بخطر فقدان كل شيء.
البرنامج الانتقالي
يعتبر البرنامج الانتقالي، الذي كتبه تروتسكي في عام 1938، من أكثر الوثائق راهنية وارتباطا بالوضع الحالي، ويجب قراءته ودراسته.
كان جوهر البرنامج الانتقالي هو رفع المطالب التي يمكنها أن تكون بمثابة جسر يربط بين المستوى الحالي للوعي وبين الحاجة إلى الثورة الاشتراكية.
وقد استند هذا إلى النهج البلشفي كما هو موضح في مقال لينين: “الكارثة المحدقة وكيف نواجهها”، الذي كتبه في شتنبر 1917. كما استند إلى أطروحات الأممية الثالثة في أوجها. لقد كان ذلك مرتبطا بالعمل الجماهيري بالطبع، لكن ومع ذلك فإنه يتضمن دروسا مهمة لنا اليوم.
أولا يجب ألا تدفع الطبقة العاملة ثمن الأزمة الرأسمالية. ومن أجل ذلك فإن المطلوب ليس الاقتصار على الكلمات، بل طرح برنامج كفاحي يتوافق مع الظروف الحقيقية لانحطاط الرأسمالية. والحقيقة الآن هي أنه حتى أكثر الإصلاحات تواضعا في حياة العمال صارت لا تتوافق مع بقاء المجتمع الرأسمالي.
يبدأ البرنامج الانتقالي بالتأكيد على حقيقة أن هناك أزمة تاريخية في قيادة الطبقة العاملة. وما يزال الحال كذلك اليوم. كانت الطبقة السائدة، عام 1938، تتزحلق نحو الكارثة بأعين مغلقة. وهذا مرة أخرى هو الحال الآن. وبالتالي فبدون تغيير جذري نحن مهددون بالكارثة.
أوضح تروتسكي في مناقشاته حول البرنامج الانتقالي وكيفية تطبيقه في الولايات المتحدة، النهج الذي ينبغي اتباعه، قائلا:
«ما هي المهام؟ تقوم المهمة الاستراتيجية على مساعدة الجماهير، وتكييف عقليتها سياسيا ونفسيا لكي تتماشى مع متطلبات الظرف الموضوعي، والتغلب على التقاليد الضارة للعمال الأمريكيين، وتكييفها مع الظرف الموضوعي للأزمة الاجتماعية للنظام بأكمله».
يجب أن تكون الحاجة إلى تغيير المجتمع متجذرة في المطالب التي نطرحها اليوم. إذا رفض الرأسماليون دفع أجور للعمال وقرروا إخفاء أرباحهم، يجب أن نطالبهم بفتح دفاترهم ليتم فحصها من طرف العمال.
«أجل، يقوم الرأسماليون بذلك [فتح دفاترهم] في حالتين: عندما يكون وضع المصنع سيئا حقا، أو إذا كان بإمكانهم خداع العمال. لكن من الواجب طرح المسألة من وجهة نظر أكثر عمومية. ففي المقام الأول لديك ملايين العاطلين عن العمل، وتدعي الحكومة أنها لا تستطيع دفع المزيد، بينما يقول الرأسماليون إنهم لا يستطيعون تقديم المزيد من المساهمات، نريد الوصول إلى ضبط الحسابات في هذا المجتمع. يجب تنظيم مراقبة المداخيل من خلال لجان المصنع.
يقول العمال: نريد محاسبين ينتمون لنا مخلصين للطبقة العاملة. إذا اتضح أن فرع من فروع الصناعة مدمر فعلا، نجيب: إننا نقترح مصادرة ممتلكاتكم. سنسيرها بشكل أفضل منكم. لماذا لم تكن هناك أرباح؟ بسبب الحالة الفوضوية للمجتمع الرأسمالي.
نقول إن الأسرار التجارية هي مؤامرة المستغِلين ضد المستغَلين والمستثمِرين ضد الكادحين. في مرحلة المنافسة الحرة كانوا يزعمون أنهم بحاجة إلى السرية من أجل الإنتاج. لكنهم الآن ليست لديهم أسرار فيما بينهم، بل فقط بينهم وبين المجتمع.
إن هذا المطلب الانتقالي هو أيضا خطوة من أجل سيطرة العمال على الإنتاج كخطوة تحضيرية لإدارة الصناعة. يجب أن يكون كل شيء تحت سيطرة العمال، الذين سيكونون سادة المجتمع غدا.
الدعوة إلى الاستيلاء على السلطة، تبدو للعمال الأمريكيين غير قانونية وخيالية. لكن إذا قلتم لهم: إن الرأسماليين يرفضون الدفع للعاطلين، ويخفون أرباحهم الحقيقية عن الدولة وعن العمال عن طريق التلاعب في الحسابات؛ فإن العمال سيفهمون تلك الصيغة.
إذا قلنا للمزارع إن البنوك تخدعك. لديهم أرباح كبيرة جدا ونقترح عليك إنشاء لجان للمزارعين للنظر في دفاتر حسابات المصارف. سيفهم كل مزارع ذلك. سنقول لا يمكن للمزارع أن يثق إلا بنفسه فقط؛ دعوه ينشئ لجانا للرقابة على القروض الزراعية، وسيفهم المزارعون ذلك. لكن ذلك يفترض مسبقا وجود مزاج غليان بين المزارعين، لا يمكن تحقيق ذلك كل يوم»[1].
إن الأزمة في بريطانيا وعلى الصعيد العالمي تتفاقم باستمرار. وتحت ضربات مطرقة الأحداث يبدأ العمال في استنتاج خلاصات جذرية. صحيح أن الوعي محافظ للغاية، لكن يمكنه أن يتحول، وسوف يتحول حتما، بشكل هائل بفعل الأحداث الكبرى.
كتب تروتسكي: «الوعي الطبقي للبروليتاريا متخلف، لكن الوعي ليس مادة جامدة مثل المصانع والمناجم والسكك الحديدية؛ إنه أكثر قدرة على الحركة، وتحت ضربات الأزمة الموضوعية، وملايين العاطلين، يمكنه أن يتغير بسرعة»[2].
لم تكن الظروف الموضوعية أبدا ناضجة للصراع الطبقي الثوري كما هي اليوم. وبالتالي فإن الوعي، الذي يتخلف دائما عن ركب الواقع، يميل إلى اللحاق به عبر طفرات. هذا هو درس الديالكتيك حيث تتغير الكمية إلى نوعية من خلال الطفرة.
تدابير اشتراكية
إن الشيء الأكثر إلحاحا بالنسبة للعمال في هذه اللحظة بالذات هو، بالطبع، كيفية التعامل مع فيروس كورونا. من الضروري تطبيق إجراءات عاجلة وتدابير جريئة لحماية أنفسنا. وهذا بدوره يجب أن يرتبط ببرنامج اشتراكي واضح يمكنه أن يقدم وسيلة للمضي قدما. وبادئ ذي بدء يجب أن نقول بجرأة إنه:
- لا ثقة ولا تعويل على حكومة الرأسماليين!
- يجب ألا تشارك الأحزاب العمالية في أي “حكومة وطنية”. لا تحالف ولا اتفاقات مع الأحزاب البرجوازية!
لقد أظهر أرباب العمل وممثلوهم السياسيون المجرمون أنهم يعطون الأولوية دائما للأرباح على الأرواح. نحن نطالب بتطبيق إجراءات طارئة لحماية العمال ووضع الصحة قبل الثروة.
- من أجل قطاع خدمات صحية عمومية، تحت رقابة العمال وإدارتهم. إلغاء القطاع الخاص في الصحة. إعادة تأميم كل القطاعات التي تمت خصخصتها. يجب تأميم جميع الخدمات الصحية دون تعويض، ودمجها في القطاع الصحي العمومي. يجب تأميم شركات الأدوية بدون تعويض.
- عكس سياسة التقشف المفروض على الخدمات العامة، بحيث يتم الرفع بشكل كبير في الموارد المخصصة لقطاع الصحة العامة من أجل الاستجابة لمتطلبات الأزمة.
- إطلاق برنامج تدريب، ممول بالكامل، لصالح الأطباء والممرضين والمساعدين الطبيين والطاقم الطبي، مع تحسين الأجور وتخفيض ساعات العمل وزيادة التوظيف في جميع المجالات. يجب بناء مستشفيات جديدة على وجه السرعة.
- مصادرة أي بنايات يمكن أن تستخدم كمستشفيات طوارئ، دون تعويض، من أجل استخدامها لتلبية احتياجات الشعب. ويجب عند الضرورة الاستيلاء على الفنادق والقصور وتحويلها إلى دور رعاية ومصحات وملاجئ للمشردين.
- لا للمضاربات! يجب إنشاء لجان للمستهلكين منتخبة ديمقراطيا للتحقق من الأسعار وفرض الرقابة عليها. فإذا رفض أرباب العمل الامتثال، يجب إذ ذاك تأميم المتاجر الكبرى والصيدليات ووضعها تحت الرقابة العمالية.
- يجب إغلاق جميع القطاعات غير الضرورية على الفور. أما في بقية أماكن العمل الأخرى فيجب إنشاء لجان عمالية لممارسة الرقابة والإدارة العمالية. يجب أن يكون لتلك اللجان السلطة لضمان تنفيذ تدابير الصحة والسلامة وتوفير بيئة عمل آمنة، مع وجود التباعد الاجتماعي في مكان العمل ومعدات الحماية الشخصية للجميع.
- يجب أن يحصل العمال الذين أرسلوا لمنازلهم على أجرهم الكامل. ويجب أن تقدم الدولة أجورا كاملة للعاطلين، بمن فيهم من يعملون لحسابهم الخاص.
- يجب ألا تأتي الموارد المالية اللازمة لذلك من زيادة الضرائب أو مزيد من التقشف، بل من خلال تأميم البنوك والمؤسسات المالية! وبدلا من “ضريبة الثروة” ندعو إلى مصادرة الشركات الاحتكارية.
- وبدلا من مراكمة الدين الوطني، يجب الحصول على الأموال اللازمة بالكامل من أرباح أرباب العمل. تجلس الشركات الكبرى [في بريطانيا، على سبيل المثال] على احتياطيات نقدية تبلغ 700 مليار جنيه إسترليني، والتي هي أرباح متراكمة تم تحقيقها من خلال استغلال الطبقة العاملة. يجب مصادرة هذه الأصول لخدمة الصالح العام.
- ومع استمرار البطالة الجماهيرية بعد الجائحة، ينبغي تقاسم ساعات العمل المتوفرة اجتماعيا دون أي تخفيض في الأجور، من أجل خفض ساعات يوم العمل، وتوفير الوظائف للجميع.
- تواجه العديد من الشركات الصغيرة الإفلاس، حيث تقاوم البنوك أي تأجيل في أداء القروض. وينسحق الكثير من تلك المقاولات الصغيرة ليس بسبب البنوك فقط، بل وبسبب الاحتكارات الكبرى أيضا. لكن من خلال تأميم البنوك سيمكننا تزويد تلك الشركات الصغيرة بشريان الحياة من قروض منخفضة الفائدة.
- إذا قال أرباب العمل إنهم لا يستطيعون دفع أجور العمال، نقول: افتحوا الدفاتر! دعوا الطبقة العاملة والحركة العمالية ترى الحسابات! وإذا أعلنت الشركات الإفلاس، فلا يجب إنقاذها، بل يجب تأميمها تحت الرقابة العمالية.
- لا للتقشف! يجب ألا تدفع الطبقة العاملة ثمن هذه الأزمة!
من الواضح أن نظام السوق قد فشل وأن الرأسمالية غارقة في أزمة عميقة. فوضى الرأسمالية تمنع من تخطيط موارد المجتمع، في بريطانيا وعلى المستوى العالمي.
- لذلك نحن نطالب بتأميم الشركات الاحتكارية والبنوك والخدمات وأملاك الملاكين العقاريين الكبار وما إلى ذلك، بدون تعويض، ووضعها تحت رقابة العمال وإدارتهم. على هذا الأساس سيمكن تخطيط الاقتصاد بشكل ديموقراطي لصالح الأغلبية، وليس لتحقيق الأرباح لصالح القلة.
- يجب بناء فدرالية اشتراكية بريطانية وربطها بالولايات الاشتراكية الأوروبية المتحدة والفدرالية الاشتراكية العالمية، من أجل تخطيط الموارد على الصعيد الأممي لصالح البشرية جمعاء. هذا من شأنه أن يضع حدا لبربرية الرأسمالية ويسمح للبشرية بالبدء في حل القضايا الملحة المتعلقة بتغير المناخ والمرض والفقر التي تواجه المجتمع وكوكبنا.
بناء القوى الماركسية
من الواضح أنه يجب علينا عند طرحنا برنامجنا أن نميز أنفسنا بوضوح عن التيارات اليسارية التي تحصر نضالها ضمن ما هو ممكن داخل حدود الرأسمالية فقط. نحن لا نريد الاكتفاء بالفتات، نحن نريد المخبزة كلها. نحن لا نريد الاكتفاء بفرض الضرائب على الأغنياء، بل نريد مصادرة أملاكهم.
قال تروتسكي: «الأساليب الجيدة هي كل تلك التي ترفع الوعي الطبقي عند العمال وثقتهم بقواتهم واستعدادهم للتضحية بالنفس في النضال. بينما الأساليب المرفوضة فهي تلك التي تزرع الخوف والخنوع بين المضطهَدين أمام المضطهِدين…»
أما فيما يتعلق بجدوى المطالب التي طرحناها فقد أوضح تروتسكي قائلا:
«إذا كانت الرأسمالية عاجزة عن تلبية المطالب التي تنشأ حتما عن الشرور التي تخلقها بنفسها، فليس لها إذ ذاك إلا أن تهلك. أما ‘إمكانية’ أو ‘عدم إمكانية’ تحقيق ذلك فهي، في الظرف المعين، مسألة رهينة بميزان القوى، والذي لا يمكن تحديده إلا بالنضال. ومن خلال هذا النضال، بغض النظر عن نجاحاته العملية الفورية، سيفهم العمال بشكل أفضل ضرورة تصفية العبودية الرأسمالية»[3].
إن الوضع الذي نواجهه لا يشبه أي شيء شهدناه على الإطلاق. وكما سبق لنا أن أوضحنا مرات عديدة فإن الطبقة العاملة لا تتعلم من الكتب بل من الأحداث. وسوف تطرح الأحداث الوشيكة أسئلة كثيرة، وستستخلص الطبقة العاملة، وخاصة الشباب، خلاصات راديكالية للغاية، بل وحتى ثورية.
قال تروتسكي: «لمثل هذه الهزات أهمية عظيمة. إنها تجعلهم يتخلصون من عقليتهم المحافظة وتجبرهم على البحث عن تفسير لما يحدث، وعما هو البديل. وكل هزة من هذا القبيل تدفع ببعض فئات العمال إلى الطريق الثوري».
تتمثل مهمتنا في التواصل مع الفئات المتقدمة من الطبقة العاملة، ومن خلال تلك الفئات المتقدمة، مع الفئات الأوسع بعد ذلك. لكن لكي نقوم بذلك بشكل فعال يجب علينا أن نبني القوى الماركسية. ومقابل كل واحد نتمكن من تكوينه وتدريبه على أساس هذه الأفكار الآن، سنكون في وضع ملائم لكسب المئات والآلاف عندما ستندلع الأحداث.
تبقى المسألة الأساسية هي الأهمية الحيوية للنظرية الماركسية، التي هي خلاصة وتكثيف التجربة التاريخية للطبقة العاملة. هذا هو الأساس الصلب الذي يمكن أن يشيد عليه صرح تيار ماركسي قوي. وكما قال لينين: “لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية”.
لقد تم اعتماد البرنامج الانتقالي كوسيلة لتوجيه القوى التروتسكية الصغيرة، في ظروف الحرب، نحو الجماهير. أما بالنسبة لنا، في هذه المرحلة، فإن المهم هو منهجية البرنامج الانتقالي، الذي يسمح لنا بالحوار مع العمال ويسمح للتيار الماركسي بالتواصل مع فئات جديدة، وربط المطالب اليومية بالحاجة إلى الثورة الاشتراكية.
الاشتراكية أو الهمجية
تتجه بريطانيا، مثل العديد من البلدان الأخرى، نحو وضع ما قبل ثوري، وهو الوضع الذي سيستمر لبعض الوقت. على الماركسيين أن يرتقوا إلى مستوى المهام التي يطرحها التاريخ.
إن التحسينات العرضية ممكنة، بل وحتمية، لكن المنحنى العام يتجه نحو الانحطاط والإفقار.
من خلال الأفكار والأساليب الصحيحة، المقترنة بالجرأة والحيوية، وخاصة تجاه الشباب، سيمكننا بناء تيار ماركسي جماهيري في السنوات المقبلة، تيار سيصبح عاملا هاما في الأحداث.
استمرار الرأسمالية سيعني المزيد من الأزمات والمآسي التي لا تطاق للطبقة العاملة، ويمكن أن يؤدي في النهاية إلى التفكك التام للحضارة الإنسانية. إن الخيار الوحيد الذي يواجه البشرية هو: إما الاشتراكية أو الهمجية.
روب سيويل
15 ماي 2020
[1] The Transitional Programme for socialist revolution, pp.85-86
[2] Ibid, p.157
[3] The Transitional Programme