ما هو الوضع في باكستان بعد عملية الاغتيال الهمجي لبينازير بوتو؟
لال خان: حتى قبل اغتيال بينازير بوتو كان البلد يتحرك نحو الفوضى والاضطرابات. النظام فقد قاعدته الاجتماعية، الاقتصاد كان في أزمة لكن الآن سيكون لكل شيء تأثير إيجابي وكل شيء يتحرك بسرعة كبيرة جدا. يحاول النظام فرض نفسه لكنه ضعيف جدا. إنه معلق في الهواء. الاقتصاد ينهار بسرعة ليس فقط من وجهة نظر المؤشرات الاقتصادية الجزئية (micro-economic) والظروف المعيشية، فباكستان تعاني من أعلى عجز في الميزانية وأعلى عجز تجاري وأعلى عجز في الحساب الجاري وبالتالي فإن جميع المؤشرات الاقتصادية الكلية (macro-economic) في الحضيض. هذا الوضع تدهور أكثر بعد اغتيال بينازير. هناك ضغط رهيب على النظام لكي يجري الانتخابات. ليس للنظام أي بديل حقيقي ولا أية فرصة جدية لكسب تلك الانتخابات. إذا ما عمل على إجراء الانتخابات وإذا ما هو قام بتزويرها فإنه سيكون هناك انفجار اجتماعي. سيعرف المجتمع تقاطبا أكبر. لقد أبانت الجماهير على أنها تريد تغيير المجتمع عندما استولت على باكستان طيلة 48 ساعة. إن هذا يبين الإمكانيات التي تختزنها الجماهير للسير نحو التغيير الاشتراكي للمجتمع.
كيف تدخل ماركسيو منظمة الكفاح في الساعات والأيام التي تلت عملية اغتيال زعيمة حزب الشعب الباكستاني؟
لال خان: مباشرة بعد عملية الاغتيال عقدنا اجتماعا للرفاق. قررنا أنه يجب تقديم هؤلاء المسئولين عن الجريمة إلى العدالة ومعاقبتهم. عملنا على إصدار منشور يطرح برنامجا للتقدم إلى الأمام نشرح فيه كيف يمكن الانتقام لهذه النهاية المأساوية لبينازير. إنها سياسة النظام بالضبط وطبيعة قطاعات من قطاعات الدولة التي أبانت عن المدى الذي يمكنهم أن يصلوه من أجل اغتيال بينازير. لقد حاولنا أساسا أن نحول ذلك الأسى والحزن إلى غضب وقوة، للنضال ضد هؤلاء المسئولين عن عملية الاغتيال وضد النظام الذي حول السياسة إلى هذه الحالة من الهمجية والقتل وجميع أشكال الجرائم وأيضا الإرهاب، الذي صار من ثوابث السياسة الباكستانية. هذا هو ما يجعلنا نريد تغيير ذلك النظام. منذ ذلك الوقت عملنا على تنظيم مسيرات احتجاجية ومظاهرات عبر باكستان، من المدن الرئيسية لكشمير إلى كاراتشي، من كييتا إلى لاهور. لقد استقبلت الجماهير بشكل رائع منشوراتنا، التي طرحت برنامجا واضحا لكيفية التقدم إلى الأمام.
ما هي طبيعة المطالب التي صغتموها؟
لال خان: لقد أرسلت بينازير، قبل يومان من وصولها إلى كاراتشي، رسالة إلى مشرف، وفيها أشارت بينازير بالاسم إلى أشخاصا متعددين من داخل الدولة وكل الاتجاهات السياسية الذين يريدون التخلص منها. لقد طالبنا بأن يتم اعتقال هؤلاء الأشخاص فورا ويحاكموا ويعاقبوا جراء هذه الجريمة الشنيعة. ثانيا، طالبنا بتشكيل لجان للمقاومة الثورية والاحتجاج في جميع المصانع وجميع الأحياء والقرى والتي يمكن من خلالها توجيه كل الحركة وتنظيمها وإعطائها هدفا. ثالثا، رفعنا مطلب أن يتم إعادة تبني البرنامج التأسيسي لحزب الشعب الباكستاني لسنة 1970 باعتباره البرنامج الكفاحي لهذا الجيل وللأشخاص المتواجدين الآن في قيادة الحزب. لقد أضفنا إلى هذا أيضا أنه يجب على حزب الشعب أن يطالب بإجراء انتخابات نزيهة وحرة فورا. وفي الأخير، طالبنا حزب الشعب بالوصول إلى السلطة على أساس برنامج اشتراكي.
نحن نعرف أن بعض مرشحي حزب الشعب هم أيضا وجوه قيادية داخل صفوف منظمة الكفاح. هل يمكنك أن تعطينا المزيد من المعلومات عنهم؟
لال خان: الوضع كله عرف تجذرا. عندما عادت بينازير أعطاها تحرك الجماهير المزيد من الثقة والقوة. لقد كانت تحس بالمزاج الجماهيري وكانت تصير أكثر فأكثر تجذرا في خطاباتها وبرنامجها. والآن هناك العديد من المرشحين اليساريين الذين يتقدمون باسم حزب الشعب. يوجد هناك ما بين 10 و15 رفيقا سيطرحون برنامجا يساريا خلال هذه الانتخابات ومن الممكن أن يكسبوها.
هل واجهتم مشاكل مع قمع الدولة والفاشيين؟
لال خان: مباشرة بعد أن وزعنا المنشور جاء رجال المخابرات الباكستانية (ISI) إلى مقرنا. وعملوا على استجواب الرفاق ومضايقتهم لكن هؤلاء الأخيرين ظلوا حازمين. وخلال الحملة الانتخابية في كاراتشي حاول مجرمو حزب "الحركة القومية المتحدة"، المنظمة الفاشستية التي أسسها الدكتاتور السابق ضياء الحق، أن تختطف أحد أعضاء حملتنا الانتخابية واعتدوا جسديا على الرفاق. لقد عملنا على الاحتجاج ضد هذه الممارسة. وبفضل الدعم من طرف النقابات في كاراتشي، وفي باكستان والعالم تمكنا من إلحاق الهزيمة بهم. والآن علينا أن نقف بحزم في مواجهة الفاشيست خلال الحملة الانتخابية المقبلة.
ما الذي سيحدث خلال يوم الانتخابات؟
لال خان: من الصعب جدا توقع الأشياء في باكستان. حتى يوم واحد يعتبر وقتا طويلا جدا في الحياة السياسية الباكستانية. يمكن للعديد من الأشياء أن تحدث ويمكن للعديد من الأحداث أن تقع. يمكن لبعض قطاعات الدولة أن تشن المزيد من التفجيرات والمزيد من الأعمال الإرهابية من أجل تأجيل الانتخابات لأنهم يخشون إجرائها. إذا ما حاولوا يوم الثامن عشر من فبراير أن يزوروا الانتخابات فإن ذلك سيقود إلى حدوث انفجار. ليس بإمكانهم تزوير الانتخابات. إذا ما فاز حزب الشعب بالانتخابات فسيتوجب على مشرف أن يستقيل وسيغادر البلد. ستخرج الجماهير بأعداد هائلة للتصويت لصالح صعود حزب الشعب إلى الحكومة. رجائهم هو أن يعمل حزب الشعب على تغيير حياة البؤس والفقر المدقع وارتفاع الأسعار والأمراض والبطالة والجهل. سيؤدي هذا إلى ممارسة ضغط هائل على قيادة حزب الشعب. من المحتمل أن يحقق حزب الشعب الأغلبية المطلقة وهذا سيجبر القيادة على الوصول إلى السلطة على أساس البرنامج الذي تطالب به الجماهير. سيخلق هذا وضعا قبل- ثوري في باكستان.
إنكم تدعون إلى ثورة اشتراكية في باكستان، الذي هو بلد متخلف نصف إقطاعي ومسلم. هل تعتقدون أن هذا ممكن؟
لال خان: إذا ما نظرتم إلى تاريخ باكستان، ستجدون على سبيل المثال ثورة 1968- 1969 التي كانت ثورة اشتراكية! من خلال تلك الحركة لم يعمل الشعب فقط على تحدي النظام الحاكم بل عمل أيضا على تحدي علاقات الملكية. عندما أعطى ذو الفقار علي بوتو الحزب برنامجا اشتراكيا، أدى ذلك إلى أن جعل من الحزب أكبر حزب في تاريخ باكستان. في الوثيقة التأسيسية للحزب كتب بوضوح أن الهدف النهائي للحزب هو تحقيق مجتمع بدون طبقات وهو الشيء الممكن فقط عبر الاشتراكية في وقتنا الحالي. لقد حصل هذا البرنامج وهذا الحزب على تأييد أكبر وعدد أصوات أكثر من أي حزب إسلامي على الإطلاق. كما أن بيان 1970 وغيره من الوثائق التأسيسية يصرحان بشكل واضح جدا أن الإسلام في باكستان لا يشكل مخرجا حيث يستغل المسلمون مسلمين آخرين. وبالتالي فإن المسألة ليست هي الدين. لقد كانت الاشتراكية، في تلك المرحلة في باكستان، هي الشعار السياسي الأساسي والاتجاه الرئيسي. والآن سوف تستعيد تطورها بالمزيد من الحماسة والمزيد من القوة.
ما الذي يتوقعه الماركسيون في باكستان من رفاقهم في العالم العربي؟
لال خان: لأنه توجد هناك علاقات ثقافية وتاريخية بين باكستان والعالم العربي، فإن أي تحرك للطبقة العاملة في باكستان هو في نفس الوقت تحرك للطبقة العاملة في العالم العربي. إن أي اعتداء ضد واحد هو اعتداء ضد الجميع! لذلك نقدم دعمنا للحركات اليسارية والعمال في العالم العربي. توجد في العالم العربي بدوره تقاليد انتفاضات ثورية. عندما تم إسقاط الرأسمالية في اليمن، صرح قائد تلك الثورة أنه يجب على المسلمين أن يتبعوا ماركس ولينين. كما أنه أعيدت تسمية البلد ليصبح جمهورية اليمن الماركسية الشعبية. نفس الشيء حدث في أغلب البلدان العربية. لقد شهدنا ذلك خلال الثورة في سوريا وخلال مرحلة مصر الناصرية. وبالتالي فإن هناك تراث. هذا التراث قد بدأ يعود الآن إلى الحياة في باكستان. وإذا كان من الممكن له أن يعود إلى الحياة في باكستان فإنه من الممكن أن يعود إلى الحياة في العالم العربي أيضا. لقد فشلت الرأسمالية بشكل مطلق، وقد دخلت الأصولية الإسلامية مرحلة أفولها. لقد كانت مجرد ظاهرة مؤقتة كما سبق لنا أن قلنا دائما. الطريق الوحيد أمام الجماهير للتقدم ممكن فقط على أساس برنامج اشتراكي لتغيير المجتمع وخلق الفدرالية الاشتراكية لشبه القارة الهندية والفدرالية الاشتراكية للشرق الأوسط.
"رسالة من الرفيق لال خان -منظمة الكفاح، باكستان -إلى الماركسيين العرب"
الرفاق الأعزاء،
يوجد هناك عالمان عربيان وعالمان إسلاميان.
العالم الأول هو عالم العرب الأغنياء والمسلمين الأغنياء.
والعالم الآخر هو عالم العرب والمسلمين الفقراء.
العرب والمسلمون الفقراء لديهم مصير مشترك مع بعضهم البعض
ومع باقي فقراء العالم،
مع الجماهير العاملة والكادحة عبر العالم.
الأغنياء يعيشون في النعيم،
يستغلون عملنا للحصول على هذا النعيم.
والمخرج الوحيد هو الثورة الاشتراكية
في أحد البلدان العربية تقود نحو بناء فدرالية اشتراكية للشرق الأوسط.
نفس الشيء يقال عن باكستان.
حيث سترتبط الثورة هنا بالثورة في كل جنوب آسيا.
وهكذا فإن مصائرنا مرتبطة في الصراع الطبقي من أجل إسقاط الرأسمالية
ونظامها الاستغلالي.
هذه هي وحدتنا الحقيقية،
هذه هي قوتنا الحقيقية
وهذا هو صراعنا الحقيقي.